فتح الحدود مع الجنوب هل يعيد الاستقرار للدولتين؟!
رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” أصدر قراراً بفتح الحدود بين دولتي السودان وجنوبه، وقبل أيام قال رئيس دولة الجنوب “سلفاكير ميارديت” نريد أن نطبع علاقتنا مع دولة السودان، وقال إن الرئيس “البشير” سيوافق. حديث رئيسي السودان وجنوبه لم يعط تفسيراً واضحاً لتحسن العلاقات بين البلدين، ولماذا تراجع رئيس دولة الجنوب لبدء علاقة جديدة مع دولة الشمال، ولماذا وافق رئيس الجمهورية “عمر البشير” بفتح المعابر بين البلدين. ما الذي تغير في تلك العلاقة التي ظلت مشحونة بعد الانفصال في عام 2011م، ولماذا أبدى رئيس دولة الجنوب تراجعه لقيام علاقة بين البلدين يسودها الأمن والاستقرار.
منذ أن انفصلت دولة الجنوب عن السودان الكبير ظلت العلاقة بين البلدين في حالة توتر مستمر، وكلما حاول الشمال التنازل يجد تعنتاً من دولة الجنوب، حتى الاتفاق الذي تم بين البلدين مؤخراً ومنذ فتح تلك المعابر وغير ذلك من القرارات التي تخدم البلدين لم تلتزم دولة الجنوب بذلك، ولكن يبدو أن الحالة الاقتصادية الطاحنة قد أضرت بدولة الجنوب مما جعل رئيسها يحكم عقله ويطرد شبح الأوهام السابقة.
وهذه محمدة أن يتراجع المرء من أجل مصلحة الجميع. لقد عانى شعبا الشمال والجنوب من سوء العلاقة بين البلدين، وربما أبناء الجنوب هم المتضررون أكثر من الشمال، ولكن يحمد لقرار رئيس الجمهورية بفتح الحدود في أنه سيخلق جواً من التسامح بين البلدين، بالإضافة إلى استئناف استخراج البترول الرافد الأساس لميزانية البلدين، فلو لم تتخذ القيادة في جنوب السودان قراراتها السابقة لعاش شعبا البلدين في بحبوحة من العيش، وحتى دولة الجنوب بعد الانفصال لم تشهد أزمة غذائية طاحنة ولم يشهد الجنيه الجنوبي تراجعاً أمام الدولار. لقد ظل الجنيه الجنوبي محتفظاً بقوته في مواجهة الدولار، إذ كان الدولار يساوي اثنين أو ثلاثة جنيهات جنوبية، ولكن أنظروا الآن لقد تراجع الجنيه الجنوبي إلى أكثر من أربعة عشر جنيهاً مقابل الدولار الواحد، وتراجعت التنمية التي انطلقت بسرعة في المباني والمشاريع المختلفة وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية وجاءت الشركات للاستثمار في الجنوب، ولكن الإخوة الجنوبيين بمن فيهم رئيس الجمهورية “سلفاكير” لم يحسبوها صاح، فلو حسبوها صاح لعاش أبناء الجنوب والشمال في نعمة.
الآن القرار الصادر من “البشير” ومن “سلفاكير” سيعيد الأمور إلى نصابها وستتدفق المواد الغذائية إلى دولة الجنوب التي عانت من إغلاق المعابر، كما سينعم الشمال من بترول الجنوب، وستتدفق رؤوس الأموال على الجنوب، وربما يذهب أبناء الشمال للعمل في الجنوب طالما الجنوب مهيأ لنهضة كبيرة، فمن الأولى أن تستثمر أموال البلدين من أجل إنسان الشمال والجنوب، وإذا هدى الله الإخوة الجنوبيين يمكن أن يعود الجنوب والشمال دولة واحدة وليس هناك شيء مستحيل.