ولنا رأي

ما عاد الوكيل (وكيل زمان)!!

كثيراً ما تُرسم صور لأشخاص قد لا تتطابق مع مخيلة من رسمها، فأحياناً الاسم يعطي شكلاً محدداً كاللون أو السمنة أو النحافة الطول أو القصر، فشخص قد تتخيله أبيض اللون طويل القامة تجده عكس ما وضعته له من صورة.. وحتى صورة المسؤولين أحياناً تختلف إن كان وزيراً أو وكيل وزارة، فالصورة القديمة للمسؤول الذي وضع في مرتبة عليا من الوزارة التي يعمل فيها كـ”الصلعة أو الشيب والكرش”، فأي شخص وصل مرحلة وكيل الوزارة يتبادر إلى ذهنك أنه طويل القامة “صلعته” وصلت إلى ظهره، كما يقال، و”الكرش” حدث ولا حرج.. لكن في الفترة الأخيرة دفعت الإنقاذ بعدد من الشباب في مواقع مختلفة وإذا سمعت باسم الشخص يتبادر إلى ذهنك الصورة القديمة التي ذكرناها آنفاً.
قبل فترة زارني وكيل وزارة الثقافة.. وكان صغيراً في السن، عكس ما تخيلته وما وضعته له في ذهني من صورة.. وكذلك السيد “طارق الحاج” وكيل رئاسة الجمهورية، لا أحد يتخيل صورته، وقد حكى لي أنه في إحدى المرات وهو أمين حكومة الولاية الشمالية أو نهر النيل وجاء مبكراً إلى إحدى الوزارات لغرض ضروري مع الوزير، وحينما دخل مكتب الوزير وجد مجموعة من الموظفين فسأل عن السيد الوزير، فردت عليه أحداهن بأنه وصل (يا دوب) وقالت له: (متين أصبحت كدة وإنت جايي)، فلم يرد عليها بل قال لها: (ما مشكلة سأنتظره)، فجلس على الكرسي وهو يراقب تلك الحركة منهن وشاي الصباح مروراً باللقيمات، وحينما لمحته أحداهن قالت له: (أمرق شوية أمشي وتعال) فقال لها: (ما تخافي أنا ما عايز أشرب معاكم الشاي.. سأظل منتظر إلى أن تفرغوا من أكل اللقيمات والشاي)، وقال إنه ظل لفترة وفجأة نهض من على كرسيه وفتح باب الوزير وقبل أن يدخل عليه قال لهم: (جيبوا لينا كبايتين شاي لي وللسيد الوزير)، وعندما دخل عليه أخبر السيد الوزير بما حدث من موظفي مكتبه، ففتح السيد الوزير الباب ونادى واحدة فجاءت جارية، فقال لها: (الزول دا ما عرفتيه؟). قالت له: (أبداً). قال لها: (دا أمين الحكومة). فردت عليه بسرعة: (سجمي.. الشافع دا).. والسيد الوكيل “طارق حاج علي” من يراه يعتقد أنه “شافع”.. فالصورة القديمة المرسومة لوكيل الوزارة تغيرت تماماً، ووكلاء الوزارات الآن أصبحوا صغاراً في السن وحتى أحجامهم صغيرة مثل الوكيل “طارق”.. ففي العالم كله الآن اتجهت الحكومات إلى تعيين الشباب في المواقع الكبيرة وما عاد وكيل الوزارة أو أمين الحكومة أو المعتمد أو الوزير هو الشخص الذي تجاوز الستين أو السبعين عاماً.. الحكومات الآن تستفيد من طاقات الشباب، ففي تلك السن يكون الواحد منهم أكثر عطاء ومعرفة ودراية، وما عاد خريجو الجامعات ممن تجاوزوا العشرين واقتربوا من الثلاثين عاماً، الآن لا تتعدى أعمارهم العشرين أو الحادية والعشرين، وإذا تم تعيينهم فحينما يصلون إلى الثلاثين أو بداية الأربعينيات يكونون قد وصلوا إلى منصب وكيل الوزارة أو نائب رئيس الجمهورية.. ومن حق تلك المرأة أن تقول (سجمي.. الشافع دا)، لأن المنصب لا يقاس بالعمر ولا بالجسم و”الصلعة”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية