رأي

مسألة مستعجلة

 خطورة مياه الآبار تحاصرنا!!
نجل الدين ادم
من المفارقات التي لم يلتف لها الكثيرون أن ولاية الخرطوم حاضنة النيلين يشرب زهاء النصف من سكانها من الآبار (الارتوازية) أو الجوفية التي لا تسلم من التلوث في أحيان كثيرة بغير كمية الأملاح التي تحتويها.
 ولاية الخرطوم ومنذ عهد الوالي الأسبق “عبد الحليم المتعافي” كانت قد وضعت إستراتيجية لتوصل مياه النيل لكل محلياتها، وبالفعل شرع في تنفيذ محطات مياه ضخمة أكمل عليها الوالي “عبد الرحمن الخضر” وتم افتتاحها وجاء من بعده الوالي الفريق “عبد الرحيم”، لكن الحال ما يزال هو الحال “موية” من باطن الأرض.
 الآن كل مناطق الثورات وما جاورها تشرب من الآبار.. يعني محلية كرري خارج تغطية مياه النيل بالكامل، وكذا الحال في “أمبدات”، إلا في جزء يسير منها، وفي شرق النيل تجد معظم المناطق خارجة عن التغطية.. أما في الخرطوم فإن حدودها جنوباً في منطقة أبو آدم، يعني الكلاكلات كلها تشرب من الآبار، زد على ذلك أحياء الأزهري والسلمة وعد حسين وسوبا ومايو والإسكان الشعبي والاندلسات، وفي اتجاه الشمال تجد أن كل منطقة شمال بحري تفتقر لمياه النيل، الدروشاب، الحلفايا، السامراب، الكدرو حتى منطقة الجيلي في الحدود مع نهر النيل، ماذا تبقى من المناطق التي لا تتمتع بمياه النيل العذب؟  فقط وسط الخرطوم وأم درمان القديمة ووسط بحري.
 في السابق لم تكن هناك تعقيدات ومخاوف من مياه الشرب التي تأتينا من الآبار (الارتوازية)، وذلك من واقع أنه لم يكن هناك انتشار لآبار (السايفون) التي تصل مع المياه الجوفية، الآن تكاد تكون معظم المناطق تستخدم (السايفون)، فهو لم يعد من وسائل الرفاهية كما كان في الماضي، وانتشاره يعني بالتأكيد أن مياه الحمامات تتصل بالمياه الجوفية التي هي مصدر شرب السواد الأعظم من أهل ولاية الخرطوم.. يعني خطورة التلوث قد زادت أضعافاً مضاعفة وخدمة مياه النيل محلك سر!
بالفعل هيئة مياه الولاية تقوم بعمليات فحص لمياه الآبار المراد التوصيل منها للأحياء وقد تكون النتيجة إيجابية، أملاح بنسبة ضئيلة غير سامة! لكن هل تضمن هيئة مياه الخرطوم أن لا يحيط هذا الصهريج بمبانٍ جديدة، ومبانٍ جديدة تعني حفر آبار (سايفون)، وبذا يكون ذلك البئر الصالحة مياهه للشرب محاطاً بأخطر أنواع التلوث!
حالات أمراض الباطنية التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة لا تخرج أسبابها بأي حال من هذه المياه، لذلك مطلوب من ولاية الخرطوم أن تتحقق من سلامة مياه الآبار الارتوازية التي يستخدمها الآلاف من سكان ولاية الخرطوم، وإلا فإن أمر التلوث سيكون واقعاً يحاصر الناس.
فإذا سلمنا بأن مشروعات توصيل المياه من النيل للأحياء تكلف أموالاً طائلة فإنه من الأوفق أن تكون هناك إجراءات سلامة كافية للمياه التي تأتينا من الآبار، مثل تحديد مواقع الحفر وضمان أن لا تحاط بمساكن جديدة أو أي توسع مستقبلي.. أتمنى أن يطمئن الناس على صحتهم دون عناء.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية