ولنا رأي

هل اعتزل شيخ "علي" السياسة فعلاً؟!

حدثني أحد شيوخ الإنقاذ الآن، ووقتها كان طالباً بمدرسة أم درمان الأهلية الثانوية لم تكن له علاقة بالاتجاه الإسلامي أو الحركة الإسلامية آنذاك، لكنه أصبح بعد أن استمع إلى الطالب النحيف طالب جامعة الخرطوم المكلف بإجراء محاضرة لطلبة المدرسة فانبهر لحديثه ولقدرته الخطابية وتمكنه من اللغة.. كان هذا الطالب هو الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق، كانت للأستاذ “علي عثمان” المحامي آنذاك شنة ورنة إبان الديمقراطية الثالثة، جذب إلى جواره العديد من أقرانه بالحركة الإسلامية والجبهة الإسلامية القومية، ظل يضحي بكل شيء، وقته وراحته واجتماعياته من أجل الحركة الإسلامية، لكن لم نعرف عنه الصدام أو المناكفة أو الخروج عن المألوف.. كثير ممن حوله يقولون لك “بطنه غريقة”، أي لا يعطيك كل شيء، يحتفظ بأسراره لنفسه.. وظل هكذا طوال فترة وجوده في الجهاز التنفيذي.. البعض يقول إنه طموح ويرغب في أن يكون حاكم السودان، لكن ما عرف عنه هو زهده في المناصب منذ أن تنازل عن منصبة كنائب أول لرئيس الجمهورية ليكون الدكتور “جون قرنق” قائد الحركة الشعبية خلفاً له في المنصب، وتراجع شيخ “علي” خطوة للوراء ليكون نائب رئيس الجمهورية وليس النائب الأول، كل ذلك من أجل استقرار البلاد.
شيخ “علي” عرف عنه الصمت، لكن أحياناً يغالبه هذا الصمت فينفجر علناً معلناً ما بداخله، وقد استمعنا وشهدنا يوم أن أعلن في البرلمان وعلى الهواء مباشرة مرتبه الذي يتقاضاه عن منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية.. هذه كانت أول مرة يستفز فيها شيخ “علي” ويخرج عن صمته بعد أن ثقل عليه الحمل.. والآن ها هو للمرة الثانية يعلن عن اعتزاله العمل السياسي جهاراً نهاراً، لا ندري ما هي الأسباب التي دفعته للاعتزال هذا، وإن كان الأمر واضحاً لكل ذي بصر وبصيرة، فشيخ “علي” الذي قامت الإنقاذ على أكتافه وتحمل الكثير من أجلها ربما يظن أنه ظلم، وربما تكون هناك وشايات حكيت ضده، فنحن لا نأمن مكر السلطة وطالبيها.
شيخ “علي” بدأ يظهر في الأمور الاجتماعية أو في أعمال المنظمات الاجتماعية، كما ظهر مع أصحاب الاحتياجات الخاصة، لا ندري لماذا ضعف شيخ “علي” ولماذا استكان وهو من الجيل الثاني أو الثالث في الحركة الإسلامية، بناها طوبة طوبة وشيد البنيان حتى اكتمل!! لماذا لا يقاتل شيخ “علي” من أجل المصلحة العامة وليس المصلحة الشخصية؟؟ حينما وقعت المفاصلة اتهم بأنه الرأس المدبر والمخطط لها، وبدأ العداء بينه وبين شيخه “الترابي” وحتى آل بيت “الترابي” بدأت القطيعة بينهم وشيخ “علي” بوشايات غير حقيقية، والمتهم الأول فيها شيخ “علي” نفسه، فكان من المفترض أن يدافع عن نفسه بدلاً عن الصمت الذي جعل البعض يستغل الموقف.. والآن، وبإعلانه اعتزال العمل السياسي يؤكد زهده في المناصب وفي السلطة.. فهل ستعود المياه إلى مجاريها مع شيخ “الترابي” ومع السلطة؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية