من سرق ثورة أكتوبر 1964م؟!
من سرق ثورة أكتوبر الظافرة 1964م، سؤال حتى الآن لم يجد الإجابة، على الرغم من أن يوم غدٍ (الأربعاء) تكون قد مضى عليها واحد وخمسون عاماً على اندلاعها.
ثورة أكتوبر التي جاءت في أعقاب ندوة أقيمت بجامعة الخرطوم تحدث فيها الدكتور “حسن الترابي” الأستاذ العائد من “باريس” بعد حصوله على درجة الدكتوراه وهو ممتلئ حيوية ونشاطاً.. الندوة كانت تتحدث عن دولة الجنوب فالأساتذة الذين يدافعون عنها في تلك الفترة.. الآن الجنوب انفصل ولا بواكي له.
نعود لسؤالنا الأول والذي لم يجد الإجابة حتى الآن الذين قاموا بالثورة وقتها يمثلون طبقات المجتمع المختلفة، السياسيين وأساتذة جامعة الخرطوم وغيرهم ممن ضاق ذرعاً بحكم نظام “عبود” الذي طغى وتجبر وفسدت الحياة خلاله، فكان لابد أن يتغير النظام. ولكن من هم أهل تلك الثورة الحقيقيين هل الإسلاميون باعتبار أن الدكتور “حسن الترابي” كان موقد الشرارة الأولى بتلك الندوة؟ أم هم حزب الأمة أم هم الشيوعيون.. طوال تلك الفترة والكل يتهم بعضه البعض بأنه سارق الثورة.. والغالبية العظمى من السياسيين يعتقدون أن الشيوعيين هم من سرق الثورة.
الآن تتجدد الذكرى ولم يتعظ السياسيون من الماضي ولم يقدموا طوال تلك الفترة ما يقدم الوطن، بل ظل الجميع في صراع محتدم فيما بينهم.. فإذا كانت أكتوبر أول ثورة شعبية بالمنطقة باعتراف كل الجيران، ولكن ماذا استفدنا منها؟ ماذا حدث للسودان بعدها؟ هل توحدت الأمة؟ هل عمل الجميع لإزالة أخطاء النظام العسكري آنذاك؟ بالعكس ظلت الخلافات بين السياسيين وصناع الشعب، ومازالت هتافات المواطنين ترن في الآذان، فعندما دخل الفريق “عبود” سوق الخضار بالخرطوم بعد الثورة، هتف المواطنون (ضيعناك وضعنا معاك يا عبود).. فعلاً ضاع الشعب السوداني فلم يتغير حاله ولم يتبدل حال السياسيين. نفس الصراع ونفس الخلاف بين الزعامات الكبيرة.. الزعماء يريدون أن يحكموا السودان حتى ولو لم يقدموا له شيئاً.. وهؤلاء القادة والزعماء لم يتعلموا من درس أكتوبر فحاولوا تكرار السرقة عندما قامت انتفاضة رجب أبريل 1985. ثار الشعب السوداني وكان الشماشة أول وقود انتفاضة رجب أبريل، ولكن هل تغير حال الشماشة وهل تغير حال الشعب السوداني الذي انتفض آنذاك. بالعكس سرقت الانتفاضة أيضاً وسقط نظام “نميري” كما سقط نظام “عبود” من قبل. ولكن ما هي المحصلة التي خبأها الشعب عن تلك الثورة، كل الثورات التي يقوم بها الشعب يخطفها أصحاب المصلحة فهم يستمتعون بالمناصب الوزارية والشعب يظل في حالة بؤس وشقاء فلماذا يثور الشعب ليستمتع غيره بالغنائم؟!