مشروع "التاتا".. الإيجابيات والسلبيات!!
دخل والي الخرطوم السابق الدكتور “عبد الرحمن الخضر” الانتخابات بمشروع طموح يساعد الشرائح الضعيفة في الاعتماد على نفسها عبر عربات “التاتا” التابعة لهيئة الصناعات الصغيرة، وداخل الهيئة مشاريع مختلفة متعددة الأصناف.. ورغم أن المشروع فيه فائدة لتلك الشرائح، لكن يبدو أن هناك خللاً ولم تتم الدراسة بصورة جيدة.. إذ إن عربات “التاتا” في رسائلها المختلفة الأولى أو الثانية أو الثالثة لا أعتقد أنها تصلح للعمل بالسودان، ولم تكن جيدة (100%)، إضافة إلى أن الذين قاموا بالشراء من الهند أو من الجهة التي استوردت لم تراع صلاحيتها في السودان، بجانب عدم وجود ميكانيكيين متخصصين فيها وارتفاع سعر قطع الغيار، وحتى الموجود من القطع رديء ولم يستمر الإسبير فترة طويلة، فإذا جرى تغييره فلن يعيش أكثر من شهر تقريباً، لذلك في ظني المشروع لم يكن قدر الطموح ولم يساهم في حل مشاكل الفقراء الذين جيء بالمشروع باسمهم.
وكان من أهداف والي الخرطوم السابق أن تعتمد الطبقة الفقيرة في معاشها على نفسها، لكن هزم المشروع، وجاءت الهزيمة من القائمين على المشروع داخل الهيئة الذين ابتدعوا طريقة جديدة بوقف العربات وإدخالها في حيشان لعدم التزام أصحابها بالسداد، فلا ندري كيف يسدد أولئك الناس أقساط العربة بعد ضبطها من الجهات الرقابية؟ كيف يعيش أولئك والعربات أصلاً غير جيدة وبها العديد من الأعطال؟ كيف يسدد أولئك والعربة لم تتوفر لها إسبيرات جيدة الصنع ولا يوجد ميكانيكيون على قدر عالٍ من الكفاءة؟؟ العربات عمرها الافتراضي تقريباً قد انتهى، لذلك يومياً معطلة، وإذا ذهب مسؤول من الهيئة لوجدها (مكومة) أمام الميكانيكيين، وإذا أدخلت الورشة التي قيل إنها متخصصة تخرج مثل المريض الذي ذهب إلى الطبيب بمرض محدد وعاد بأمراض متعددة.
أن مشروع “التاتا” مثل بصات الوالي التي كتب عنها الراحل “سيد أحمد خليفة” رئيس تحرير صحيفة (الوطن) ونبه الولاية من المشروع لأن البصات قديمة ولا تصلح للعمل بالسودان، لكن الولاية ركبت رأسها واستوردت البصات.. الآن (90%) منها أصبحت خردة وغير صالحة للعمل، وكذلك مشروع “التاتا” الذي لم يمض على استيراد عرباته أكثر من ثلاث سنوات تقريباً، الآن العشرات منها معطلة بسبب عدم الخبرة ورداءة الإسبيرات.
فإذا كانت الهيئة تريد أن تتحصل أموالها من الأشخاص الذين بيعت لهم هذه السيارات فيجب أن تدرب ميكانيكيين على مستوى عالٍ مع استجلاب الإسبيرات الجيدة، وإلا ستخسر الهيئة وسيخسر المستثمرون، وستظل الهيئة تطارد العدد الذي يعمل من شارع لشارع ومن زقاق لزقاق، وفي النهاية ستكون العربات عديمة الفائدة ويكون المشروع قد احتضر ودفن.
فيا أيها المسؤولون.. غيروا من طريقة “قبض” العربات ومطاردتها لأنكم استجلبتم سيارات سيئة (تكركب كلها)، وعندما تسير تكون أشبه بـ”عنقريب القصب”.. فالعيب فيكم لأنكم لم تدرسوا المشروع بصورة جيدة.. أما السائقون، فسنعود لهم.