الصحافة الإقليمية!!
نجح الراحل “الفاتح النور” مؤسس أول صحيفة إقليمية باسم كردفان، وظلت الصحيفة تقدم رسالتها الإعلامية أسوة بصحافة الخرطوم آنذاك (الأيام) و(الصحافة) و(الرأي العام)، وغيرها من الصحف التي كانت تصدر وتقوم بواجبها الرسالي تجاه الناس والمجتمع. وصحيفة (كردفان) نجحت في تقديم مواد صحفية ممتازة واهتمت بالإقليم وجذبت كثيراً من القراء إليها، ولكن الصحافة الإقليمية ربما لم تتجاوز محطة “الفاتح النور”، وأصبحت الولايات تنتظر الساعات الطوال للحصول على الصحف الصادرة بالخرطوم، ولم يفتح الله على مستثمر محلي أو أجنبي استطاع أن يؤسس صحيفة مثل صحيفة (كردفان)، ولم تنجح الوزارات والمؤسسات الإقليمية إبان الأنظمة السابقة على تأسيس صحيفة تهتم بالإقليم وأقاليم السودان المختلفة، في ما فشلت أيضاً في إنشاء مطبعة لطباعة صحيفة أو صحف لتوزع على بقية ولايات السودان المختلفة، فولايات السودان المختلفة تحظى بعدد كبير من المراسلين الذين يمدون الصحف السودانية بنشاط الإقليم السياسي والاجتماعي، ولكن أولئك المراسلين حصروا أنفسهم في مكاتب الوزراء والمسؤولين والمعتمدين، مما أثر في جعل المادة المرسلة قليلة الحظ في النشر، رغم أن ولايات السودان المختلفة لا تقل أهمية عن ولاية الخرطوم، ففيها من النشاط الذي يمكن مادتها في صدر أي صحيفة سياسية أو اجتماعية.
الأستاذ الصحفي الكبير “بابكر الجاك” واحد من المراسلين المعتقين بولاية النيل الأبيض، ظل لأكثر من ثلاثين عاماً يتمتع بنشاط ملحوظ في الصحافة التي تصدر بالخرطوم مهتماً بما يدور في ولايته من نشاط صحفي وسياسي أو غيره.. التقيته قبل أيام وهو يحمل قراراً بتشكيل لجنة برئاسته لتكون جسماً موازياً للاتحاد العام للصحفيين بالولايات.. وفي ظني أن الولايات فعلاً في حاجة إلى جسم خاص بالصحفيين ولتكن ولاية النيل الأبيض هي الانطلاقة لهذا الاتحاد رعاية لمصالح الصحفيين أو المراسلين بتلك الولاية، ومن ثم ضم الصحفيين والمراسلين بالولايات المجاورة، خدمة لهؤلاء الصحفيين الذين ضاعت حقوقهم.
إن الخطوة التي قامت بها ولاية النيل الأبيض وجعلت من أولئك العجائز والشباب ضمن تلك اللجنة لتكون نواة لصحافة إقليمية راسخة لها حقوقها وواجباتها، وهذا الجسم يمكن أن يطور عمل المراسلين والمحافظة على حقوقهم، فكم من مراسل بولايات السودان المختلفة أقعده المرض ولم يعرف إلى أي جهة ينتمي، ومن الذي يحافظ له على حقوقه، فالمراسلون الآن بولايات السودان لن يتشجعوا بتقديم أجود الأعمال الصحفية أولاً لقلة المردود المالي من الصحف التي يقوم بمراسلتها، وثانياً الرقابة عليهم إذا ما قاموا بكشف بواطن الفساد بالولاية أو الإقليم نظراً لمعرفته لدى الجهات المسؤولة إذا ما تم تسريب معلومات فيها مساس بالمسؤول أو الوزارة المعنية، لذلك إذا لمن يكن المراسل أو الصحفي محمياً من جهة كالاتحاد الإقليمي فلن يستطيع تقديم عمل صحفي مميز، لذا يجب على الاتحاد العام للصحفيين السودانيين أن يبارك قيام اتحادات صحفية إقليمية تعمل جنباً إلى جنب مع الاتحاد الرئيسي.