المشهد السياسي
هل تحرك زيارة “بوث” المياه الراكدة؟
موسى يعقوب
السيد “رونالد بوث” الذي يمسك بملف العقوبات في الخارجية الأمريكية والذي قاد وفداً كبيراً وزار البلاد الأسبوع الماضي. ورغم صحته وعدم رغبته في الحديث إلى الصحافة وأجهزة الإعلام، فإن نشاطه الواسع الذي بدأ بوزارة الخارجية ومنها اتحاد رجال الأعمال و(شركة الصمغ العربي) بصفة خاصة لما للصمغ من شأن وخصوصية في السياسة الأمريكية الاقتصادية والصناعية.
زيارة السيد “بوث” سبقتها مؤشرات منها وفد الإدارة الأهلية الذي زار “الولايات المتحدة الأمريكية”، وزيارة السيد وزير الخارجية – إبراهيم غندور – الأولى من نوعها إلى “واشنطن”، ثم لقائه مع السيد” أوباما” رئيس الجمهورية في “أديس أبابا” على هامش مؤتمر أفريقي.
“الولايات المتحدة الأمريكية” منذ وصول هذا النظام وقبله ظلت تمارس الضغوط والاعتداء على السودان وآخرها القصف الصاروخي في أغسطس – آب 1998م على (مصنع الشفاء)، وهو قطاع خاص والمعلومات حوله كانت خاطئة.
وعندما كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر – أيلول 2001م والتي راح ضحيتها برج التجارة العالمية في “نيويورك” وجزء من مبنى وزارة الدفاع في واشنطن، وظهرت ظاهرة الحرب على الإرهاب والدول التي تدعمه، أُدرجت جمهورية السودان ضمن تلك القائمة.. التي كانت من آثارها السالبة المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية وإجراءات المحكمة الجنائية الدولية التي وجهت للسيد رئيس الجهورية.
أخيراً وبعد قرابة ربع القرن على العقوبات التي منها السودان شعباً وحكومة حدث من المتغيرات ما دعا إلى إعادة فحص الملفات والنظر إلى العلاقة بين “الولايات المتحدة الأمريكية” و”السودان” الذي بدأ تعامل مع ذلك كله بما يخفف الآلام بل يدعو إلى الصمود والقفز على المتاعب.
السودان في الفترة الأخيرة وبعد ظهور المعادن واللجوء إلى الزراعة كعنصر بديل للنفط وغيره واهتمامه بعلاقاته الأفريقية والعربية واتجاهه بعد لجمهورية الصين والدول الآسيوية الأخرى إلى الاتحاد الروسي.. وظهور العلاقات بين السودان وجمهورية جنوب السودان إلى الحوار الطيب وتبادل المنافع والمصالح، قفزت العلاقات بين “الولايات المتحدة الأمريكية” وجمهورية السودان إلى ما نراه الآن.. وهو وصول من يمسك بملف المقاطعة للزيارة والتباحث والتفاهم وتلك الزيارة تعطي مؤشرين:
– الأول هو أن (المقاطعة) باتت محل بحث واهتمام.
– والثاني أن السودان بما له من إمكانات ودور في محيطيه الأفريقي والعربي صارت الاستعانة به وبإمكاناته ضرورة.
النقطة الأولى وحسب ما رشح من معلومات وأخبار كانت محل حراك ونشاط الوفد الأمريكي الزائر، والإشارة هنا إلى لقائه مع اتحاد أصحاب العمل السوداني الذي شكا مر الشكوى من أثر المقاطعة السالب عليه وعلى مكوناته.. وكانت الورشة الخاصة بذلك منبراً جيداً لتبادل المعلومات والحقائق.
جراء ذلك وحسب ما نشرته الصحف اعترف السيد مدير المعونة الأمريكية بالسودان أن الإدارة الأمريكية لديها وعي بأثر العقوبات والمقاطعة على القطاع الخاص السوداني، وهي مدركة أن العقوبات يجب أن تجدد الأنشطة التي تستهدفها، فهي ليست موجهة نحو الحكومة وحدها وإنما المواطن السوداني ومؤسساته.
وذلك ما جعل بعض مسؤولي اتحاد أصحاب العمل السوداني يقولون عقب ورشة العمل المشتركة بأن ثمة تفاؤلاً بتخفيف أثر العقوبات على قطاع المال والأعمال.
ثم نأتي إلى قطاع (الصمغ العربي) المعروف بخصوصيته لدى مجتمع الأعمال الأمريكي والسودان هو المنتج الأول لتلك المادة تقريباً ويستورد منها القطب الأمريكي جل ما يحتاجه. فالدكتور “تاج السر مصطفى” رئيس مجلس إدارة شركة (الصمغ العربي) السودانية ذكر في لقائه مع الوفد الأمريكي أن الصمغ ورغم استثنائه من العقوبات الاقتصادية الأمريكية على السودان لم يستفد من ذلك الاستثناء الذي واجهته (المعاملات البنكية) وغيرها مما تأثر بالعقوبات.
عليه ورغم أن السيد “رونالد بوث” الممسك بملف العقوبات قد وضعت بين يديه كل الحقائق والمعلومات ووقف عليها بنفسه نسأل – كما جعلنا من ذلك عنواناً للمشهد السياسي اليوم: هل تحرك زيارة “بوث” المياه الراكدة فترفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب..؟ نرجو ذلك.