ثورة التعليم العالي نعمة أم نقمة؟!
ثورة التعليم العالي هل هي نعمة أم نقمة على التعليم في السودان.. فإن قلنا نعمة فهي أتاحت فرصة لعدد كبير من أبناء السودان لإكمال دراساتهم الجامعية، وإن قلنا عليها نقمة فهي نقمة لأنها تخرج لنا أنصاف متعلمين بجانب أنها أتاحت لكل صاحب بيت كبير جعل منه جامعة وبمصروفات باهظة التكاليف، والتعليم لا يتدخل في كبح جماع أصحاب تلك المؤسسات التي أصبحت أشبه بالسوبر ماركت أو أي بقاله القصد من ورائها تحقيق الربح، ولكن التعليم قد تشككت في المعلومات التي صدرت قبل فترة بأن جامعة العلوم الطبية أو جامعة “مأمون” حميدة العام الدراسي فيها قد بلغ (150) مليون جنيه سوداني للطلاب الداخليين، أما أبناء المغتربين فأكثر من ثلاثة عشر ألف دولار تزيد أو تنقص، وكذا الحال في بعض المؤسسات التعليمية الخاصة التي لا رقيب عليها من حيث المصروفات.
فلا ندري على أي شيء بنت المؤسسة التعليمية تلك المصروفات الدراسية وهل تستحق تلك الدراسة هذا المبلغ الهائل، وإذا تخرج الطالب أو الطالبة وقد درس خمس سنوات أو أقل هل سيحقق فائدة لأسرته، وكم سيتقاضى إذا دخل سوق العمل. حدثني أحد أولياء الأمور أن ابنه الذي كان يدرس في تلك الجامعة باهظة التكاليف عندما تخرج بدرجة ممتازة استوعبته الجامعة كمعيد فيها، ولكن هل تدرون كم المبلغ الذي قدمته له الجامعة شهرياً، لقد أكرمته الجامعة التي تخرج فيها بستمائة جنيه أقل من مليون جنيه بالقديم، فيما كان يدفع هذا الطالب أو هذا الأستاذ للجامعة سنوياً أكثر من عشرين مليون جنيه سنوياً.. غير مصاريفه الخاصة والسكن والكتب وغير ذلك من نثريات.. لقد جاءت ثورة التعليم وبالاً على الطلبة وأسرهم بسبب المصروفات الباهظة، واليوم أصدرت وزارة التعليم العالي خطة جديدة للقبول الخاص، فالطالب الذي يمتلك مالاً وفيراً يمكنه أن يدرس في أي جامعة ولو حصل على نسبة (50%) من المجموع، بينما يحرم أبناء الغلابة والكادحين من دخول الجامعة في ظل التنافس المالي الذي لا يتوفر إلا لأولاد المصارين البيض، أما أولاد المصارين السود إما أن يعيدوا الكرة من جديد حتى يحصلوا على مجموع يؤهلهم للدخول للجامعة مجاناً أو بمصاريف أقل.
لقد أتاحت جمهورية مصر العربية فرصاً للطلبة السودانيين في وقت مضى لم توفرها حكومة السودان لهم، فمعظم الطلبة السودانيين كانوا يدرسون بكل الجامعات المصرية مجاناً ولم يرهقوا أهلهم بميزانية عالية التكاليف خلال دراستهم، فحتى يتخرج الطالب إن كان قد درس أربع أو خمس سنوات لم يكلف أسرته مليون جنيه بالقديم أو ألف جنيه الآن، ولذلك ينبغي أن تتدخل وزارة التعليم العالي لتساوي فرص القبول لجميع الطلاب بدلاً من تلك الفوارق الطبقية.