تعقيب على برنامج (تواصل) الرمضاني!!
وصلتني هذه الرسالة من الأخ “عوض أحمدان” يعقب على ما تناولناه عن برنامج (تواصل) الرمضاني لتكريم المبدعين قال في تعقيبه:
الأخ – صلاح حبيب
ونحن في خواتيم الشهر الفضيل أجدني منساقاً بطوعي للتعقيب على ما أورده قلمكم في زاويتكم المقروءة، في حق البرنامج الرمضاني (تواصل) أحد اشراقات مؤسسة الرئاسة الذي يحظى برعاية خاصة من رئيس الجمهورية شخصياً.
تساءلت في مقالك، عن معايير اختيار المكرمين، وهو لعمري تساؤل مشروع، للبحث عن إجابات شافية في حق كثير من أهل العطاء، أبى قطار التكريم أن يتوقف في محطاتكم التي ميزتهم دون سواهم، بذلاً وعملاً متدفقاً في كثير من المجالات. ذات التساؤل ونفس الموضوع، كنت قد تعرضت إليه الأربعاء الماضي، عبر زاويتي (ضل التمر) بصحيفة (آخر لحظة) تذكيراً فقط للجنة التكريم بالمبدع الشامل “عبد الرحمن بلاص” الذي يؤهله تاريخه ودوره ليكون من أوائل المكرمين، ظللنا من نحو ثلاثة أعوام، ننادي بتكريمه ليرى يوم شكره ويفرح به وهو حي بيننا.
الأسبوع الماضي، قابلت الأخ “حاتم حسن بخيت” المشرف على برنامج التواصل الرئاسي، على مائدة إفطار الأخ “علي شمس العلا التهامي” (كرامة) عودته سالماً من رحلة علاج طويلة بأيرلندا، كانت السانحة مواتية لسؤال الأخ “حاتم” عن معايير الاختيار التي ذكرتها في مقالك لماذا لم يحظى مبدع مثل “بلاص” تمددت مواهبه بين الغناء والتراث، والبحث والتأليف والعمل الصحافي لأكثر من سنين عاماً، بالتكريم اللائق، كانت إجابة الأخ “حاتم” أن “بلاص” مبدع يستحق التكريم، أبعده حظه العاثر، بذهاب (القرعة) لغيره من الفنانين الذين تم اختيارهم معه للتكريم، وهما “أحمد الفرجوني” و”حمد الريح”، المنطق لم يقنعني بصراحة، كيف لـ”بلاص” أن يدخل حلبة التنافس مع من أتوا بعده، دخل الإذاعة أوائل الخمسينيات، بينما برز الفنان “حمد الريح” في عام 1963م، كذا “الفرجوني” مع تقديرنا لما قدماه من أعمال كبيرة كان من الأولى أن تصوب فرصة التكريم للفنان “عبد الرحمن بلاص” وما حاجته أصلا ً لإجراء القرعة، عبر منافسة محسومة بعامل الزمن والعمر، والنشاط، أمر القرعة في مثل هذه الحالات، نراه أمراً غير صائب، كان يجب الاحتكام إلى أسبقية الزمن، بالنظر فقط إلى سيرة وتاريخ الشخص المكرم سواء كان “بلاص” أو غيره من زمرة المبدعين في مختلف المجالات، أمثال شيخ النقاد “ميرغني البكري”، الذي مازال يتوكأ على عصا السنوات، منذ بداية رحلته مع الصحافة عام 1949م، ومثل الشاعر والصحافي “نعمان علي الله” طريح الفراش الآن، والعازف “محمد إدريس أبو شنب” أحد أركان أوركسترا الإذاعة منذ الخمسينيات، والمهندس “محمد عثمان إبراهيم” الإذاعي والنقابي، الذي ولج استوديوهات الإذاعة السودانية بعد تخرجه من مصر، وذلك قبل الاستقلال، ومازال يعيش حياته بهدوء بمنزله بأم بدة، والشاعر “محمد سعيد دفع الله” الذي جافاه النوم، وتوالاه السهر، برحيل (طيفه) العابر فلم يثنه ذلك عن كتابة فرائد الشعر البديع وغيرهم.
فكرة برنامج (تواصل)، فكرة صائبة، تشكر عليها رئاسة الجمهورية، التي انفردت بهذا الكسب المتميز دون أن تجرؤ على مثله أي دولة أخرى، هذه الفكرة نريدها أن تتطور وتمضي قدماً للبحث عن رموزنا التي أبعدها الزمن عن دوائر الأضواء، أجعلوها لجنة قومية للنظر في أمر أهل العطاء على نطاق القطر كله، بحصرهم وتثبيت أدوارهم، ومن ثم توجيه الولايات بأمر رئاسي لتكريمهم تحت رعاية رئاسة الجمهورية، كمثال لذلك، يوجد الآن في مدينة سنجه الأستاذ “أمين محمد زين” صاحب مكتبة الفونج، التي أسسها عام 1954م، بإيعاز من الراحل “عبد الله رجب” الذي أمره بترك مهنة التدريس والسعي إلى عالم الكتابة والنشر، وفي “نيالا” مازال العم “محمد عبد الرسول” الذي وثَّق لحظة إنزال العلمين “المصري والإنجليزي” ورفع علم الاستقلال على أيدي “الأزهري” و”المحجوب”، مازال يقضي عمره في حي كرري بنيالا، وكذا الجندي الهمام (المساعد) “أحمد عبد الرحمن بيضه” الذي انفق شطراً من عمره في صفوف الجندية، عمد بعدها لمهنة التصوير، حيث يمتلك الآن تاريخاً بحاله حباً في مهنته التي أورثها أبناءه من بعده، ومثل الفنان “أحمد الفحل العطبراوي”، الذي انضم إلى ركب الرواد منذ الخمسينيات وغيرهم بما لا يتسع المجال لذكرهم، مما يحدونا بشيء من العشم والرجاء، أن يأتي قرار رئيس الجمهورية راعي البرنامج الشخصي، باستمرارية برنامج (التواصل) على مدار العام كله، ليكون نافذة مشرقة، تطل على أهل الشأن لينالوا حظهم من التبجيل والاحتفاء وهم على قيد الحياة، مع استبعاد “القرعة” في عمليات الاختيار، ليكون المعيار الأول والأخير، السن والدور والعطاء وللأخ “حاتم حسن بخيت” المعزة والإجلال والنجاح في ما يقوم به من عمل كبير.
عوض أحمدان
مدير إذاعة ذاكرة الأمة