ولنا رأي

القوانين لن تحل مشكلة المتسولين!!

ظاهرة التسول لم تكن ظاهرة قاصرة على السودان فحسب، بل هي من الظواهر المتفشية في كل دول العالم، ولكن كل دولة لها متسولوها ولهم وسائلهم في كسب العيش بالطرق التي يعرفونها. فالسودان (90%) من المتسولين فيه من دول غرب أفريقيا ولكن الجهات المسؤولة لم تواجه سفارات تلك الدول برعاياها المتسولين، فإذا ذهبت إلى السوق العربي تجد عدداً كبيراً من المتسولين وهؤلاء لهم عصابات تدفع بهم من الصباح الباكر ثم تأتي إليهم عند المساء لتعيدهم إلى أماكن سكنهم، ومن ثم تأخذ من كل واحد ما حصل عليه من مال نظير تسول اليوم.. فالسلطات تعلم تماماً أن هناك عصابات تتاجر بهؤلاء المتسولين ولهم أماكن تشرف فيها على سكنهم بل ربما تستجلبهم من دولهم عبر الحدود ومن ثم إلى داخل الوطن. فالظاهرة متفشية ومن الصعب القضاء عليها في يوم أو أيام، وحتى القانون الذي سمعنا بإجازته من قبل السلطات التشريعية لن ينهي الظاهرة لأن المتسول لا يهمه إذا صدر عليه حكم بالسجن لمدة شهر أو ستة أشهر أو مصادرة ما يمتلك من مال، فالسلطات إذا أرادت أن تنهي مثل تلك الظاهرة عليها بالمكافحة في الأطوار الأولى قبل أن تستفحل.
فالآن هنالك أطفال لا تتجاوز أعمارهم العاشرة يقفون عند إشارات المرور يحملون قطعاً من القماش يتجهون نحو كل سيارة لمسح زجاجها بغرض التكسب نظير ما يقومون به، فإذا أرادت السلطات المعنية أن تقضي على تلك الظاهرة في مهدها يجب أن تكون هناك أعين للمراقبة تلقي القبض على أولئك الصبية قبل أن تنتشر الظاهرة في كل إشارات البلاد، ومن ثم تصبح المكافحة صعبة.
أن الظواهر السالبة في المجتمع يمكن علاجها في أطوارها الأولى كما نقوم بمكافحة الأطوار الأولى لليرقات التي إن لم نكافحها في هذا الطور ستصبح خطرة على المواطن.. وكذلك الجريمة التي تفشت أيضاً بصورة أصبح من الصعب علاجها كقتل الولد لوالده أو والدته أو شقيقه أو صديقه، فهذه أصبحت ظاهرة متمددة في المجتمع ونقرأ يومياً بصفحات الحوادث أبشع عمليات القتل لأقرب الأقربين الوالد الذي قتل أطفاله أو المرأة التي ذبحت طفلتها أو الصديق الذي قتل صديقه لأتفه الأسباب.. إن علاج الظواهر السالبة في المجتمع سهل ولكن المسؤولين لا يتحركون من أماكنهم وينتظرون الحل من السماء.
هناك ظواهر مثل هؤلاء الصبية الذين يقفون عند الإشارات يمكن القبض عليهم ومن دراسة حالتهم والسؤال عن أسرهم والدوافع التي أجبرتهم لممارسة تلك المهن، ويمكن أن يجدوا لهم علاجاً بالعمل في المؤسسات المختلفة إن كان السبب الحاجة المادية. أما ظواهر البغاء المتفشية أيضاً فيمكن للسلطات أن تقوم بالقبض على الساقطات وتراقب أماكن الرذيلة وأيضاً يمكن علاجها.. ولكن كل ظاهرة إذا تركت بدون علاج فمن الصعب بعد ذلك علاجها إذا تفشت في المجتمع وأصبح لها مرتادون وجماعات.. المسؤولية تقع على الجهات المعنية بتتبع هذه الظواهر ومكافحتها في أطوارها الأولى قبل أن تعم المجتمع ويستعصى من بعد ذلك علاجها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية