ولنا رأي

"الترابي".. هل هي خطبة وداع؟!

بعد سنوات من الاعتكاف وعدم المشاركة في اللقاءات السياسية برز الدكتور “حسن الترابي” الأمين العام للمؤتمر الشعبي كقائد له قدرة على سحب البساط من تحت الآخرين في كل لقاء أو تجمع يظهر فيه، حتى المناسبات الخاصة ظل يخطف الأضواء من أهلها.. ففي حفلات الاستقبال التي تقيمها السفارات المختلفة إذا ظهر الدكتور “الترابي” في الحفل تتقاطر الجموع نحوه من سياسيين وإعلاميين وبصبح في ذاك اللقاء هو الأوحد في الساحة، وكثيراً ما يطلب الحضور التقاط صور تذكارية معه والبعض يطلب الحديث معه والبعض يشق الناس للتبرك والسلام عليه.. هذا هو شيخ “الترابي” الذي صنع نفسه وجعل لنفسه هالة قدسية مهما اختلف الناس حوله تجدهم يتجمعون حوله.. أمس الأول شارك في المؤتمر الذي أقامه حزب الأمة الفيدرالي برئاسة الدكتور “أحمد بابكر نهار”، لكن ورغم أهمية المؤتمر لحزب الأمة الفيدرالي كانت خطوط الصحف في اليوم التالي معظمها عن حديث الدكتور “الترابي” وحثه الأحزاب على الوحدة، بل جاءت الكلمة المؤثرة التي اعتقد البعض أنه بدأ يرتب نفسه للرحيل عن هذه الدنيا، فقد قال: (اقترب الأجل وأسأل الله أن أطمئن على حال البلاد قبل أن يتوفاني).. هذه الكلمات المؤثرة كأنها خطبة وداع لهذا الشيخ الذي احتفل قبل أيام بعيد ميلاده الثالث والثمانين.. حديث لم يعتده الناس منه، حديث ربما يجعل الدموع تذرف من مآقيها كأنما أزف الأجل.
الدكتور “الترابي” لا شيء يخسره الآن بعد هذا العمر الطويل الحافل بالسجون والمعتقلات والتشريد والمؤامرات والتخطيط العلني والخفي، فإذا كان يريد فعلاً الاطمئنان على هذا الوطن الذي مزقته الحروب والدسائس والمكايد فينبغي له أن يعمل على وحدة صفه وله الغلبة في الحزبين الوطني والشعبي، وفي هذه السن يمكن أن يقدم عملاً جليلاً لهذا الوطن يحث حركات دارفور التي يقول البعض إن معظمها يدين له بالولاء ويقدم له فروض الطاعة، فإذا ما عمل على توحيدها وعودتها لأرض الوطن نكون قد أغلقنا ملفاً صعباً ساهم في تمزيق وحدة البلاد، وساهم في تعكير صفوها وأمنها واستقرارها، وإذا كان الدكتور “الترابي” يريد أن يطمئن على هذا الوطن فينبغي له أن يمد يده بيضاء لكل الأحزاب السياسية الاتحادي الأصل وفروعه المختلفة، الأمة القومي وفروعه المتأثرة، الحزب الشيوعي وحتى المؤتمر الوطني الذي تقسم إلى مجموعات.. فنأمل من الدكتور “الترابي” أن يعمل على توحيد تلك الأحزاب التي كانت موحدة قبل انقلاب 1989م، حتى ينعم الوطن بالأمن والاستقرار والسلام.. وهذه من أولويات العمل التي تجعله مرتاح الضمير ومطمئناً على وحدة الوطن إذا فعلها، والأحزاب السياسية التي قال إنها تعود أصولها إلى الدين الإسلامي، بمعنى أن الجميع يعمل من أجل الإسلام وليس ضده، ويمكنه أن يصافيها طالما الجميع يعمل من أجل شيء واحد ويعتذر لها إذا أصابها رشاش أو كيد من جانبه، وبذلك يكون قد اطمأن فعلاً عليها وعلى الوطن.. والآجال بيد الله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية