هل هناك وجه شبه بين الصحافة والعمل الدبلوماسي؟!
العمل الدبلوماسي أصبح أشبه بمهنة الصحافة التي فقدت ألقها وجمالها وهيبتها وسط المجتمع، فالصحفي الذي كان يشار له بالبنان أصبحت المهنة تستقبل من كل من فقد مهنته الأساسية أو نال منها ما نال وحينما أصبح على الرصيف دخلها من أجل التكسب والمنفعة، فالصحفي الآن فاقد للهيبة وأصبح مضرب السوء لدى الكثيرين، فساءت الصحافة والصحفيون منهم من دخلها من أجل التكسب المادي، ومنهم من دخلها بغرض التشفي وإثارة الفتن والقلاقل، ومنهم من دخلها بغرض تصفية الحسابات رغم أن مهنة الصحافة مهنة رسالية وسامية ومن يلجها لابد أن يتصف بالصفات الحميدة، فمهنة الطب لا يدخلها إلا من درس الطب ومهنة القانون لا يمارسها إلا من درس القانون وحتى العمل الشرطي لا يمارسه إلا من كان منتسباً للعمل الشرطي أو القوات المسلحة، لا ندري لماذا مهنة الصحافة أصبحت مهنة من لا مهنة له؟ ولماذا أصبحت الصحافة مدخلاً للأغراض الشخصية وليست الرسالية، الآن عشرات آلاف يحملون بطاقة صحفي وهم لا يمارسون المهنة ولا ينتسبون لمؤسسات صحفية، بمعنى أن البطاقة لأغراض خاصة، فهل يمكن أن تجد بطاقة طبيب لمن لا يمارس الطب أو بطاقة صيدلي وهؤلاء لا يمارسون الصيدلة أو حتى بطاقة قانوني أو ضابط بالقوات المسلحة وهو لا يعمل بالقوات المسلحة؟ إذاً لابد من اتخاذ قرار من الاتحاد العام للصحفيين أو مجلس الصحافة والمطبوعات يحدد من هو الصحفي ولمن تمنح تلك البطاقة حتى نتمكن من إزالة التشوهات التي أصابت هذه المهنة.
أما العمل الدبلوماسي أيضاً نعلم أنه لا يدخله إلا من بدأ العمل متدرجاً في الوظيفة من السكرتير الثالث إلى أن يصل وظيفة السفير، وهي من المهن الراقية التي تحتاج إلى شخص تتوفر فيه كل صفات الرجل الدبلوماسي لأنه يمثل الدولة داخلياً وخارجياً، والسفير خارج البلاد بمثابة رئيس جمهورية يتحدث بلسان الدولة ويقوم بكل المهام التي تعلي من قدر الوطن، ولكن في الآونة الأخيرة أصبح العمل الدبلوماسي يدخله كل شخص لا يمت للعمل الدبلوماسي بصلة، وفي المقولة السودانية (دبلوماسي وكلامه قاسي)، أي كلام الرجل الدبلوماسي موزون ولا يتحدث إلا بما يفيد، ولم نسمع في يوم من الأيام أن الدبلوماسي أو السفير في المحطة الفلانية قد تعدى على مال الدولة كما ظهر أخيراً، فأصبحت السفارات الخارجية يسهل التعدي عليها لأن العمل دخله أناس لم يتدرجوا التدرج الطبيعي للوظيفة، فالدبلوماسي في حديثه فرق وفي مشيته فرق وفي علاقاته الاجتماعية مع الأشخاص فرق، فلماذا درجت وزارة الخارجية على إدخال أشخاص لا علاقة لهم بالعمل الدبلوماسي؟! أو لماذا أصبحت وزارة الخارجية محطة عمل لكل من لم توجد له وظيفة في مكان آخر؟ فالضابط الذي أُحيل إلى المعاش الإجباري وجدت له فرص عمل كسفير، والسياسي الذي فقد عمله في مكان ما أتيحت له فرصة عمل كسفير.
أذكر أن سياسياً عُين في وظيفة سفير بدولة خارجية، فعندما زارها رئيس الجمهورية عقد مؤتمراً صحفياً ولأنه لا يعرف العمل الدبلوماسي بدأ يسترسل في الحديث قبل الرئيس حتى وبخه الرئيس قائلاً: وماذا أقول أنا؟!