أفريقيا وفت وصدقت
لو كنت صاحب سلطة وقرارات لما ترددت في طرح موجه عام وفوري بالانفتاح الثقافي والسياسي والاقتصادي على أفريقيا، وقد كنت الأسبوع الماضي في “أديس أبابا” برفقة وزير الدولة للإعلام والذي بأمانة (فات الكبار والقدرو) وهو يتحسس الطريق للإعلام الوطني بالخارج فغنم لبلده وزاد على ذلك كيلاً من ميزان الذهب لصالح مواقف السودان السياسية حينما حاز على صكوك دعم سياسي قوي في شأن الموقف من تحركات الجنائية الدولية، إذ لم نلتق بمسؤول أفريقي داخل الاتحاد الأفريقي وخارجه إلا وكان الموقف حاسماً وصريحاً بأن السودان منصور بعد الله بإخوته الأفارقة ودعمهم الذي لم تهتز ثوابته التي يقوم عليها.
إعلامياً أحسست بالارتياح الكبير والخرطوم تؤسس لنفسها منصات حضور في بلد واعد وماضٍ بقوة نحو الريادة مثل “إثيوبيا” وفي عاصمة مهمة مثل “أديس أبابا” والتي أكرمت الوزير باستجابات فورية لجل مقترحاته، لم تكن استجابة من باب المجاملة بقدر ما أنها تقديراً لحقائق الهموم المشتركة وتشابه واقع التحديات وظروف المنطقة، وفوق هذا كله إيمان الإثيوبيين حكومة وشعباً أن السودان بلد موصول ببلادهم بوشائج قوية وأنه ليس مثل الآخرين فهو من الأسرة والعائلة أو (بيتا سب) أي من أهل المنزل والمنزلة وليس غريباً.
إن مبادرة وزير الدولة بالإعلام والنجاح الكبير الذي أصابه والقدرات الكبيرة التي أظهرها عمل يستحق الدعم والإسناد والمباركة وأمامنا مرحلة الانتقال بالأمر إلى حيز التنفيذ الجيد للبرامج والمقترحات والتي وإن تركزت إعلامياً في اختصاص الحقل الإعلامي، لكنها بالضرورة مقترحات تفتح الطريق لأنشطة موازية اقتصادياً وسياسياً مع صعود الجالية السودانية بإثيوبيا – تسمى أسرة هناك – والتي بإحصائيات وزارة الصناعة هناك ودائرة الاستثمار تحتل المرتبة الثانية، فضلاً عن أن غالب الاستثمارات العربية الضخمة تدار إما شراكة مع عرب وسودانيين أو تدار ثقة وأمانة بواسطة سودانيين، وحتى الوجود السوداني في المنظمات الدولية والأفريقية بـ”أديس” وجود كبير ومميز وبقيادات تحسسنا فيها حرصها على وطنها وتمسكها به دون أن يؤثر ذلك على التزامهم المهني بمهامهم.
إن بين يدي الوطن طريقاً معبداً للسير فيه والتوجه نحو أفريقيا والتي صدقتنا حينما انخذل عنا آخرون وتمسكت بنا في الوقت الذي يزايد فيه البعض ضدنا، ولهذا من المهم أن تتعمق الحكومة في قراءة فتوحات وزيرها الشاب وما أنجز ولتبني عليه وتؤسس لمرحلة جديدة.