ولنا رأي

ورحل "خليل عبد الرحمن"!!

غيب الموت السيد “خليل عبد الرحمن” أحد العاملين في الحقل الصحي وظل طوال فترة عمله في هذا المجال مدافعاً عن تلك المهنة السامية حيث استقر به المقام بمستشفى “النو” بأم درمان.. ظل يعمل في صمت بدون كلل أو ملل عاشقاً لمهنته وللعمل الطوعي المساند الذي يقوم به من أجل الارتقاء بمهنة الحقل الصحي ممرض وباشممرض، وكل شخص يعمل في هذه المهنة الإنسانية التي أحبها وكان يأمل أن يكون أحد أبنائه يواصل تلك المسيرة، ولكن أنت تريد والله يفعل ما يريدـ كان أبنه الأكبر “علاء الدين” مغرماً بمهنة الطب وهيأ نفسه ليكون طبيباً ولكن لسوء حظه أن المجموع الذي حصل عليه في الشهادة السودانية كان يؤهله لدخول جامعة الخرطوم إلا أن مادة واحدة وقفت عائقاً في دخوله الجامعة التي ينتقل إلى إحدى كلياتها المميزة وهي كلية الطب لم يحصل على تلك الدرجة في مادة الكيمياء أو الفيزياء ووقتها كان يسمح للطالب أن يمتحن تلك المادة ليتسنى من بعد ذلك دخول الجامعة ولكن الأقدار وقفت حائلاً بينه وبين دخول الجامعة فحصل على نفس الدرجة التي حصل عليها في المرة الأولى.
كان “علاء الدين” يمثل الساعد الأيمن لوالده الراحل “خليل” بل كان بمثابة الصديق وليس الابن فغادر إلى المملكة العربية السعودية وعمل بالخطوط الجوية السعودية واستطاع من خلال عمله أن يوفر بيئة صالحة لإخوانه، فالكلية التي لم يشأ المولى أن يدخلها دخلها شقيقه الأصغر “عدلي” الآن اختصاصي الجراحة بالمملكة العربية السعودية، ثم ساهم في دخول الشقيق الآخر كلية القانون، الآن المحامي “عبد ربه خليل” ثم ساهم في دخول الشقيق الآخر كلية الهندسة “عاطف” ثم الاقتصاد “عماد” ثم الزراعة “الصادق” فقد استطاع الأخ “علاء الدين” أن يدخل كل تلك الكليات الطب والهندسة والزراعة والاقتصاد والقانون، والفضل من بعد الله تعالى كان للمربي الفاضل الراحل “خليل عبد الرحمن” الذي أحسن تربية أبنائه فكانوا أفضل أبناء كانوا جميعاً بمثابة الأصدقاء وليس الأبناء، ولا ننسى “عبد الحميد” الذي ساهم أيضاً في صناعة أولئك الأفذاذ.
عاش السيد “خليل” حياة بسيطة ولكنها مليئة بالقيم والمعاني، كان زاهداً في الدنيا محباً للخير وللآخرين، كان يميل إلى الصمت كثيراً ولكنه مثقف من الدرجة الأولى متابع لأدق التفاصيل في مجال الحقل الصحي، ولكن للأسف فقدت المهنة معناها ففشلت معظم المستشفيات في توفير سرير له لإكمال علاجه داخل مستشفى (النيل الأزرق)، ثم ذهب إلى المستشفى العسكري ثم (تقى) ثم (الملازمين) جابت الإسعافات بإنذاراتها (الملعلعة) معظم شوارع المدينة وفي النهاية لم يجد سريراً بها.. أكثر من أربعين عاماً في مجال الحقل الصحي وفي النهاية يفشل في وجود سرير يكمل به علاجه.
لقد ذهب إلى ربه بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء وقدم لهذا الوطن أبناء صالحين أطباء ومهندسين وزراعيين وقانونيين واقتصاديين حتى المرأة عنده كانت مثالاً للعفة والنزاهة “عفاف” تلك المرأة الفاضلة التي ربت فأحسنت التربية وأيضاً خرجت الأطباء والمهندسين “عبلة” و”عازة” و”عابدة” حتى رفيقة الدرب “حواء عبد الواحد” كانت خير مثال للمرأة العصامية أحسنت تربية أبنائها معه وكانوا مثالاً للزوجين المتحابين المتسامحين عاشوا طوال ذلك العمر المديد وهم مثال نادر للزوجية لم نسمع عنهم خصاماً أو زعلاً وهذه زيجة نادرة وأخرجت أبناءً نادرين. نسأل الله أن يتقبله الله قبول حسن مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية