المواجهة
يبدو أن بعض القوى المعارضة تفضل خيار الحسم بالشدة وتأبى إلا أن تفوت نهج الحلول السياسية السلمية عبر الحوار الوطني أو الخيار الانتخابي ولا فرق في هذا بين متمردي قطاع الشمال وحركات دارفور أو تحالفات المعارضة بالداخل. وقد كشفت المخرجات الأخيرة من المفاوضات حول المنطقتين أن المعارضة تمارس تعنتاً في غير محله وميقاته ولا تمتلك أدواته، بإصرارها على جر الحكومة لمواجهة لن تكون الأخيرة فيها رحيمة حسب ما أتوقع.
المعارضة المدنية بالداخل رفض فريق منها الحوار الوطني منذ البدايات، ثم وبعد تطورات المسار التفاوضي وتقديرات الآلية سُمح لهم باستدراك الموقف السابق المجلل بالرفض وجلست المعارضة -غير المتفقة- مع “أمبيكي” وكانت المفاجأة أنها قالت أيضا إنها لن تشارك في الحوار الوطني! والي هنا فالطبيعي أنها لا تملك الحق لتكون عنصراً وطرفاً في أي لقاء تشاوري بأديس أو برك الغماد.
قطاع الشمال الذي ينشط بنهج المكاجرة لم يجد سوى التمسك بمشاركة حزب الأمة وتحالف قوى الإجماع، وقال إن أي لقاء تشاوري لا يضمهما لن يقوم ! فيما يقوم موقف الحكومة على مشاركة لجنة السبعة والحركات المسلحة، فاللجنة مفوضة عن أحزاب تفوق الثمانين تنظيماً والحركات لم ترفض الحوار وإن كانت تتحدث عن ضمانات وموقفها قطعاً أفضل من أحزاب أعلنت المقاطعة هنا بالخرطوم وأديس، فكيف يعقل أن يتم رهن كامل المشروع لمزاج مواقف محددة كهذه ؟
أمر آخر في استدعاء المواجهة تمثله مواقف متطرفة وخارج سياقات مشروع السلام بالكامل وذلك حينما يدخل “ياسر عرمان” لمنطقة الجزاء المحرمة عند السودانيين بقوله إنه يطالب بإلغاء الشريعة في المنطقتين وحل القوات المسلحة وهذا قول يعني ببساطة أن “عرمان “لا يزال مولعاً بأن يكون بغيض الساحة السودانية وهو قول يؤكد ببساطة أنه سلك طريقاً لن يملك إزاءه السودانيون سوى المواجهة حتى آخر رجل وامرأة.