ولنا رأي

من يحمي مستثمري الدواجن؟!

فشلت الدولة في الحفاظ على المستثمرين الوطنيين أو الأجانب، وأصبح الاستثمار بالسودان عملية انتحارية نظراً لعدم توفر ضمانات كافية للمستثمرين رغم أن الدولة تؤكد حرصها على جذب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية، فالمواطن السوداني الذي ضاقت به الأرض بالداخل وقرر الهجرة راودته الفكرة بعد سنين من الاغتراب مرة أخرى بعد أن حباه الله بالمال الوفير الذي يمكن من خلاله أن يؤسس لعمل يضمن قوته وقوت عياله، بالإضافة إلى تشغيل عدد من الشباب الذين عجزوا عن إيجاد وظيفة بعد سنوات من البطالة.
المغترب السوداني دائماً يحلم أن يعيش في أمن واستقرار في الوطن، لذلك كل من امتلك مالاً حتى لو كان بسيطاً يحاول أن يوظف هذا المال في مشروع يدر عليه بعض المال الذي يجعله يعيش مستور الحال.
بالأمس دخل عليَّ شاب في عقده الرابع تقريباً عرفني باسمه قائلاً: أنا ياسر علي أمضيت عدة سنوات بديار الغربة وبعد أن منّ الله عليَّ ببعض المال حاولت العودة لوطني لأؤسس لعمل يساعدني ومنه أقوم بمساعدة الآخرين).
تركت الرجل يتحدث وهو مليء بالحسرة والألم.. قال لي: لقد أمضيت ما يقارب الثمانية عشر عاماً بالمملكة العربية السعودية وعدت لأؤسس مشروعاً في مجال دراستي، وهو مشروع الدواجن، وحصلت على مزرعة بولاية الخرطوم وأسست لمشروع الدواجن “اللاحمة والبيض”.. لقد أنفقت ما يقارب الـ250 ألف ريال سعودي وهو شقى عمري.. بدأت التجربة وكانت موفقة في بدايتها بعد أن بدأ الدجاج ينتج البيض وبكميات كبيرة، لكن فجأة ارتفع سعر العلف وتضاعف السعر عشرات المرات، وفشلت في الحفاظ على إطعام الدواجن وحاولت بيعها حية، لكن السماسرة قدموا أسعاراً زهيدة ستة جنيهات للفرخة، وازدادت معاناتي إلى أن نفق نصف الدجاج، وحجز من استدنت منه المال على البقية.. وعدت لا أملك لا مال ولا دجاج ولا بيض).
الرجل تقتله الحسرة، فبعد أن كان ميسور الحال أصبح (أباطه والنجم)، والسبب أن وزارة الزراعة والدولة لا توفر لصغار المستثمرين أمثال هذا الرجل المناخ الملائم حتى يتمكن من المساهمة في تقديم خدمة تنفع الوطن، خاصة وأن مشروعاً مثل مشروع الدواجن من المشاريع المهمة، وسبق أن قال الدكتور “عبد الحليم المتعافي” عندما كان والياً على ولاية الخرطوم إن الدجاج سيكون غذاء الفقراء.. وبالفعل نجحت التجربة في العديد من المزارع، وأصبح كيلو الدجاج في عام 2011 يقارب الثمانية جنيهات أو التسعة.. أما الآن فقد وصل كيلو الفراخ إلى أكثر من (30) جنيهاً، لأن الدولة لا توفر حماية لأولئك المنتجين، ولا توفر لهم العلف اللازم، ولا تدعمهم، ولا تسعى في تعويض خسائرهم إذا ما تعرضوا للخسارة.
الآن الدجاج يُشترى ويخزن في ثلاجات كبيرة بأثمان بخسة، وإذا ما حل الصيف أخرجوه وباعوه بأضعاف الثمن الذي اشتروه به.. فهل تتدخل الدولة لحماية صغار المنتجين حتى لا تفقدهم وتفقد كل من له رغبة الاستثمار في هذا المجال؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية