هل تستمر علاقات السودان ومصر بلا توتر؟!
أكثر العلاقات توتراً مع السودان هي علاقة مصر، فلم تمر فترة حكم إلا وقد شهدت العلاقة بين البلدين توتراً شديداً، ولكن رغم هذا التوتر لم تصل إلى حد القطيعة، ودائماً سبب هذا التوتر ملف حلايب وشلاتين.. فالزيارة التاريخية أو التي وصفت بأنها تاريخية للرئيس “البشير” لمصر كان الاستقبال حاشداً كما قيل ولكن لم تخلُ من تعكير الجو البسيط، إلا أن القيادة السودانية دائماً تتعامل بالحكمة في مثل هذه الأمور، فلم يحدث التشنج أو الانفعال كما هو معتاد عند الإخوة المصريين، فالزعيق والكواريك سمة لدى كل مصري مسؤول أو خلافه، فحتى رجل الشارع أو المرأة المصرية داخل منزلها تسمع الزعيق والكواريك لأتفه الأشياء، فقبل أن تطأ رجل رئيس الجمهورية المشير “البشير” أرض الكنانة والوفد المرافق له، دعا عدد كبير من الصحفيين ألا يلبي “البشير” تلك الزيارة أو أن يتقدم باعتذار لما ورد من إساءة في حق رئيس جمهوريتنا من أحد صفيقي اللسان في الإعلام المصري، عندما استضافته القناة الفضائية المصرية الرئيسية فتهكم على رئيسنا ووصفه بـ(العبيط). وهذه عبارة إذا قالها أحد المذيعين السودانيين لوجد نفسه في الشارع اليوم التالي، أو إذا قيلت في حق الرئيس المصري لما لبى الزيارة، ولكن نحن شعب متسامح وطيب ولكن لسنا عبطاء نعرف كل شيء ونغض الطرف عن ذلك.. ففي زيارة رئيس الجمهورية وشهد شاهد آخر من الإعلام المصري وهذه المرة كانت لصالح السودان، فانتقد هذا المذيع القائمين بأمر الزيارة أو بالأحرى وجه السؤال للرئيس “السيسي” عندما جعل رئيس جمهوريتنا “البشير” يجلس ومن خلفه خريطة مصر وبها حلايب وشلاتين باعتبارها حق أصيل لجمهورية مصر العربية. انتقد المذيع أيضاً رئيس الجمهورية عندما أغفل وضع علم السودان بجوار العلم المصري، فساق انتقادات واضحة وصريحة وقال: هل إذا كانت الزيارة هذه لرئيس مصر للسودان ووضعت تلك الخريطة وضمنت حلايب وشلاتين للأراضي السودانية، فهل كان الرئيس المصري سيوافق على الجلوس أو إذا أغفل وضع علم مصر إلى جوار علم السودان. بالتأكيد كان الرئيس المصري أو المرافقون له سيثورون أو ربما ينبهونه بالانسحاب كما فعلها من قبل الرئيس السابق “حسني مبارك”، عندما اعترض على سؤال لأحد الصحفيين السودانيين بمطار الخرطوم عندما جاء وقتها الرئيس “مبارك” إلى السودان في ظل حكم الرئيس الأسبق “سوار الذهب” فغادر “مبارك” السودان من المطار قبل أن يدخل البلد نتيجة لسؤال الصحفي السوداني الذي قال له النظام المصري.
إن العلاقات السودانية المصرية يفترض أن تكون محصنة بهذا النيل العريض والجذور المتأصلة بين الشعبين، بدلاً من عمليات الشد والجذب والتريقة والاستفزاز الذي لا يخدم مصلحة البلدين، فمصر في حاجة إلى السودان والسودان في حاجة إلى مصر، ويفترض أن يعملا على توطيدها أكثر حتى يكونوا قوة ضاربة في المنطقة من أجل مصلحة الشعبين.