ولنا رأي

هل ستسلم (الجرّة) إذا رُفع الدعم؟!

خبر مستفز يعلنه عدد من صحف الخرطوم الصادرة أمس على صفحاتها الأولى.. يقول الخبر إن السيد وزير المالية “بدر الدين محمود” يؤكد الاستمرار في رفع الدعم عن السلع.. ولا ندري هل بقي هناك شيء لم يرفع عنه الدعم يا سعادة السيد الوزير؟؟ لقد انتفض الشعب العام الماضي عندما رفع الدعم عن المحروقات ومات وجرح جراء ذلك عشرات المواطنين، وحتى الآن لم تقدم وزارة الداخلية أو الوزارة المعنية تقريراً عن تلك الأحداث، وما هو مصير المتسببين فيها!!
واجه السيد وزير المالية السابق “علي محمود” انتقادات واسعة بسبب رفع الدعم عن المحروقات، ولكن الرجل كان أبرد من صقيع أمستردام.. فلم يتحرك قيد أنملة عما كان يعمل فيه.. لأن الذي يعمل فيه كان سياسة دولة وهو الوزير المختص بتلك السياسة، وما عليه إلا أن ينفذها ويبشر الناس بها.. وفعلاً أقام العديد من اللقاءات والمؤتمرات أقنع بها الصحفيين والبرلمان، وفي النهاية تم تنفيذ ما أرادته الدولة وخرج السيد الوزير إلى الفضاء الواسع.
اليوم جاء السيد “بدر الدين محمود” وزير المالية الحالي ليعلن من جديد (ماراثون) في وثبة المعيشة المتصاعدة دوماً دون أن يفرض السيد الوزير أية سياسات جديدة، ولكن بدأت المناظر وسيبث الفيلم على كل دور العرض.. فهل سيستمتع الجمهور بهذا الفيلم إنتاج 2015م؟ أم سيسحب من كل دور العرض؟!
الحياة أصبحت لا تطاق، وكانت الدولة تعوّل على سياسة التحرير الاقتصادي التي جاء بها السيد وزير المالية الأسبق “عبد الرحيم حمدي”، ولكن “حمدي” الذي كان يعدّ تلك السياسة أمه وأباه وأخاه، وكل أهل بيته نعاها في منتدى حماية المستهلك، وقيل إنه فتح النار في كل الاتجاهات وهاجم سياسة الحكومة في معالجة القصور وحملها مسؤولية تراجع سياسة التحرير.. وهذا يعني أن تلك السياسة التي شهدت استقراراً خلال الفترة الماضية، (عيارها فلت)، فبدل أن يكون هناك عرض وطلب في السلع أصبح كل شخص يتاجر بطريقته الخاصة حتى أصبح السوق (نار الله الموقدة).. وربما ينفجر الوضع إذا أصرت الدولة على تنفيذ رفع الدعم، وبالتأكيد فإن الخطوة الأخيرة من رفع الدعم ستؤدي إلى كارثة في حياة الناس، فلا يعقل أن تتصاعد الأسعار بنسبة (300%) أو أكثر ومرتبات العاملين لا تكفي ليومين.. كيف يعيش الناس إذا ما نفذت الدولة تلك السياسة دون وضع البدائل التي تساعد المواطنين على الحياة؟ ستزيد معدلات الهجرة إلى الدول العربية أو الأوروبية.. وستتفشى الجريمة ولا منجى من ذلك.. وسيبدأ الخطف والنهب نهاراً جهاراً، لذا قبل أن تُقدم الدولة على خطوة رفع الدعم عليها أن تدرس الموضوع دراسة متأنية قبل التطبيق.. فلن تسلم الجرة!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية