من أجل السلطة كل شيء وارد!!
ما يجري على الساحة السياسية السودانية الداخلية أمر جد محير، ولا أحد يعرف إلى أين تسير الأمور، فعندما صدر قرار بإعفاء مراكز القوى بالدولة دكتور “عوض الجاز”، الدكتور “نافع علي نافع”، المهندس “أسامة عبد الله” والأستاذ “كمال عبد اللطيف” أعتقد البعض أن هناك مؤامرة داخل المؤتمر الوطني، فكيف يتم إعفاء كل الدينموهات المحركة بالدولة؟ فالدكتور “عوض الجاز” كان الترس الكبير في مجال البترول، بدأ من الصفر إلى أن صدر البترول وعاش الشعب في رفاهية تامة وأصبح الدولار لأول مرة يسجد أمام الجنيه السوداني، وتدفقت رؤوس الأموال وبدأت النهضة العمرانية في كل مرفق من مرافق الدولة، بل انتعش المواطن وتغير حاله، ولم يتوقع أحد حتى ولو في الخيال أن يغيب شخص الدكتور “عوض الجاز” عن وزارة يطلق عليها وزارة النفط، فكانت صدمة كبيرة ليس للمواطن العادي، وخرج من الحكومة والدولة كما تخرج الشعرة من العجين.. ورجل آخر لم يصدق أحد أنه سيغيب عن الدولة ولو لحظة، ألا وهو “أسامة عبد الله” الذي ظل يشيّد السدود في صمت يعمل ولا يتحدث بجانب الزهد الذي يعيش فيه، وحينما صدر قرار التغيير أيضاً كان الخبر بالنسبة له كالصاعقة.. أما الأستاذ “كمال عبد اللطيف” فقد ظل يعمل على سد النقص في مجال النقد الأجنبي من خلال الثروات التي تفجرت من باطن الأرض كالذهب، الذي حاول إنعاش الاقتصاد بعد أن انفصل الجنوب وأصبحت عائدات البترول ضعيفة أو تكاد معدومة.
بخروج مراكز القوى من الحكومة أعتقد البعض أن هناك مؤامرة أحيكت ضدهم وإلا كيف تستغني الدولة عن كل محركاتها الأساسية؟! وظلت المؤامرات كما يعتقد البعض تحاك ليل نهار ضد البعض، وما أن هدأت عاصفة تلك التغييرات حتى ظهرت قضايا الفساد على السطح بقوة، فبعد أن كانت همساً إذا بالملفات تصل إلى الصحف بالأرقام والمستندات، ولم يصدق أحد أن بعض تلك القيادات الرسمية غارقة في الفساد.. إذن هنالك من لهم مصلحة في زعزعة استقرار الوطن، خاصة وأن السيد رئيس الجمهورية بدأ يتصالح مع المعارضة وبدأ ينفتح أكثر من خلال الحوار الجامع الذي دعا له واستجابت له الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، ولكن بعد أن بدأ الطريق ممهداً لهذا الحوار وسمت المعارضة منسوبيها في لجنة الحوار ظهر ما لم يكن في الحسبان.. اتهم الإمام “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة والأنصار بالخيانة وتقويض النظام، فمن استدعاء إلى اعتقال وأودع سجن كوبر وسط دهشة المعارضة قبل الحكومة وجهاز الأمن ولا يعرف من المستفيد عن كل الذي يجري الآن في الساحة السياسية.. فهل حقيقة أن هناك أصابع خفية تعمل على إفشال الحوار مع الأحزاب والقوى السياسية؟ هل حقيقة أن هناك مراكز قوى أخرى رافضة لهذا التقارب؟ لا أحد يستطيع الإجابة عن تلك التساؤلات طالما المسرح السياسي مفتوح على الآخر.. بالتأكيد هناك العديد من الأصابع الخفية، فقد ظهرت على المواقع الإسفيرية أسماء عدد من قيادات الإنقاذ قيل إنها حُظرت من السفر وسُحبت منها جوازاتها.. ألم يكن كل ذلك في إطار الصراع على السلطة؟!