ولنا رأي

رحلتي إلى القاهرة (12)

نواصل ما انقطع من حديث عن زيارتنا إلى جمهورية مصر العربية بعد منتصف سبعينيات القرن الماضي.. تعد مصر قبلة وقتها للسودانيين منهم من يقصد الدراسة ومنهم من يقصد التجارة ومنهم من يقصد النزهة والسياحة، ومنهم من يحاول قضاء فترة شهر العسل، والبعض الذي يحاول الارتباط بالفتيات المصريات، فأذكر أن ابنة أختي السيدة “عفاف خليل” الموظفة آنذاك بالسفارة اللبنانية، قد أكملت زواجها من ابن عمتها “مهدي عوض ناصر” رجل فاضل انتقل إلى جوار ربه في تسعينيات القرن الماضي، جاء مع زوجها لقضاء فترة شهر العسل واصطحبت شقيقتيها الصغار “عابدة” و”عازة” وشقيقها “عيدبة” و”عصام” وكان موجوداً معنا “عدلي خليل” الذي يدرس بطب الزقازيق. “عيدبه” و”عصام” أكملا المرحلة الثانوية وغرضهما من تلك الزيارة الالتحاق بالجامعات المصرية وبالفعل تم لهما ما أرادا.
الراحل “مهدي عوض ناصر” كانت له محبة خالصة مع خاله “خليل عبد الرحمن”، وكان “مهدي” يحب أبناء خاله محبة عجيبة ولذلك أراد أن يصطحب هؤلاء جميعاً لزيادة الفرح، وبالفعل ذهبنا إلى الزقازيق مقر دراسة ابن أختنا الدكتور فيما بعد “عدلي”، وأقيمت لهما مناسبة طيبة تغنى فيها بعض الطلبة، وكان من بين الزملاء أبناء الإعلامية “سكينة عربي” “أشرف” و”أسعد” بطب الزقازيق و”الصديق مختار دفع الله” الشاعر المعروف والصيدلاني فيما بعد، “أحمد ماهر”. ونحن في تلك الفرحة إذا بشقيقنا الأكبر “دفع الله حبيب” الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى قبل عدة سنوات تفاجأنا بوصوله إلى القاهرة بدون أي مقدمات، ولكن كان على علاقة بابن عمنا “عبد المنعم طلحة” الذي أصبح فيما بعد لواءً بالجمارك الذي كان يدرس الحقوق بجامعة إسكندرية، كان الخط بينه وشقيقي مفتوحاً للآخر فكان يرغب الارتباط بمصرية، فكانت مع “عبد المنعم” زميلة بالكلية ففاتحها في مسألة الزواج، فطلبت منه أن يأتي إلى إسكندرية ولم أعرف ذلك إلا عند وصوله. كنا أسرة كبيرة وقتها معظمنا طلبة وابنة أختنا “عفاف” وزوجها والبقية فذهبنا جميعاً لخطبة العروس، وعلى الرغم من موافقتها ولكن جاء الاعتراض من والدها بأنها ابنته الوحيدة، فإن أراد العريس السوداني “دفع الله” أن يبقى ويعمل بمصر ما عنده مانع، وكانت هذه استحالة لأن “دفع الله” كان مرتبطاً بالعمل بالسودان ولن يستطيع العمل بمصر، هنا فركشت الخطوبة. كانت مع البنت التي ذهبنا لخطبتها صديقتها جاءت معها في اليوم التالي، جاءني “دفع الله” قائلاً لي: لقد ذهبت لخطبة البنت التي جاءت أمس مع فلانة وقابلت والدها ووافق، وبالفعل ذهبنا في اليوم التالي لأسرة العروسة الجديدة.
كل المجموعة التي كانت موجودة “عبده طلحة” و”عدلي خليل” و”عصام” و”عيدبه” و”عفاف” وزوجها “مهدي”، اجتمعنا جميعاً أهل العروس وأهل العريس وتمت الخطبة بصورة رسمية، عاد بعدها “دفع الله” إلى السودان وبعد شهر عاد ليكمل الزواج، فكان زواجاً أسطورياً أقيم داخل البحر فرقة رضا وعدد من الفنانين والفنانات واصطحبنا معنا الزملاء السودانيين، وفتحت عدد من الشقق لاستقبال الضيوف بالإسكندرية كما استأجرنا شقة بالشاطئ للعروسين. كان هذا أول فرح سوداني مصري نحضره ونحن طلبة. عاد الأخ “دفع الله” إلى السودان ومعه زوجته “نادية عبد العظيم زهري” التي أنجبت له فيما بعد “شيماء” و”شيرين” تخرجتا الآن في الجامعات السودانية، وانتقل إلى الرفيق الأعلى قبل سنوات قليلة ومازالت “نادية” المصرية مع أبنائه بأم درمان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية