"البشير" (دردق الكورة) داخل الميدان!!
ألقى المشير “عمر البشير” رئيس الجمهورية الكرة في الملعب للمعارضة ولحاملي السلاح ولكل من يشكك في صدق ونوايا الحكومة، فالمشير “البشير” في خطابه مساء أمس الأول بقاعة الصداقة أطلق الحريات وممارسة العمل السياسي في الساحات وخارج دور الأحزاب، وأعلن عن حرية التعبير، ودعا حاملي السلاح إلى المشاركة من داخل الوطن مع الاحتفاظ بأمنهم وسلامتهم وضمان خروجهم من البلاد سالمين.
المشير كان في قمة السعادة وهو يرى أكبر المعارضين له داخل القاعة.. “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة وإمام الأنصار.. الدكتور “حسن الترابي” الأمين العام للمؤتمر الشعبي، وهذان كانت تراهن المعارضة على عدم مشاركتهما في أي لقاء يجمعهما مع الحكومة، ولكن يبدو أن الرجلين اقتنعا تماماً بأن مشاكل الوطن لن تحل إلا بالجلوس على طاولة واحدة يتم النقاش فيها بكل شفافية، وهذا ما حدث بالأمس الأول.. لقد كانت كلمات “الصادق المهدي” والدكتور “الترابي” تنم عن فهم عميق ومسؤولية كبيرة وعشق لهذا الوطن المثقل بالجراح.. لم يشذ أحد من رؤساء الأحزاب الذين تحدثوا في لقاء المائدة المستديرة بقاعة الصداقة، والكل كانوا على قلب رجل.. رئيس حزب يقترح والآخرون يثنون، ورئيس الجمهورية استمع إلى الجميع بصدر رحب ولم يقاطع أحداً، ولم يطلب من أحد أن يختصر في كلمته.. دعاهم أن يقولوا كل ما يريدون قوله حتى تصبح المقترحات أفعالاً وأعمالاً يهتدون بها في مقبل الأيام.
لفتت الدكتورة “فاطمة عبد المحمود” في كلمتها نظر الجميع عندما بدأت تتحدث عن (أكتوبر)، وعن (مايو)، وعدم تراجعها عن مواقفها المايوية، ولكنها لم ترض عن الانتفاضة باعتبارها السبب في إزالة النظام المايوي، وكذلك الإمام “الصادق المهدي” وكأنما “الصادق المهدي” هو السبب الرئيسي في إزالة (مايو)، ولكنه قابل حديث “فاطمة” بابتسامة من ورائها حديث طويل لو جلست الدكتورة “فاطمة” معه لعرفت الكثير وقالت إن السودان يحرك بـ(الريموت كنترول) في إشارة إلى أن الرئيس “نميري” عندما وصل إلى القاهرة كان بإمكانه أن يطير إلى الخرطوم، فلم يكن عاجزاً ولم يكن الطيار عاجزاً أيضاً، ولكن هناك جهات وراء عدم وصوله الخرطوم.
في ختام كلمتها أثنت “فاطمة” على الرئيس “البشير” وتنازله المستمر من أجل المصلحة الوطنية.. رؤساء الأحزاب طالبوا بلجان متخصصة للحوار القادم، مع الاستفادة من خبرات المختصين في المجالات المختلفة مثل قضايا الاقتصاد، وقالها “دانيال كودي”: (نريد أن نستفيد من خبرات المختصين في المجالات المختلفة لأننا لسنا اقتصاديين)، وقال “موسي محمد أحمد” : (لو استفاد أبناء الوطن الواحد، ودخلوا في لقاءات مثل هذه عقب الاستقلال لما وصل الحال إلى ما هو عليه).. حديثه كان جيداً وينم أيضاً عن مسؤولية وطنية كبيرة.
تحدث في اللقاء ما يقارب الـ(25) رئيس حزب من بين (83) رئيس حزب، جاءوا للمشاركة في اللقاء التشاوري بغرض الوصول إلى اتفاق يخرج البلاد من عثراتها.
الحوار استمر إلى ما يقارب الثلاث ساعات في جو بارد جداً داخل القاعة.. بعض الصحفيين لم يحتمله وطالب بتخفيض التكييف.. ومارس الأستاذ “مصطفى أبو العزائم” قفشاته مع زملائه خاصة “فتح الرحمن النحاس” نائب رئيس تحرير الزميلة (ألوان) عندما أحس ببرد شديد فقال له “مصطفى”: (في الخارج هناك عدد من البدل فأذهب واختر ما يناسبك فإن لم تجد بدلاً فيمكن أن تختار بالطو).
اللقاء كان مثمراً جداً، وطالب الدكتور “غازي صلاح الدين” رئيس حزب (الإصلاح الآن) بتشكيل لجنة لإقناع الذين لم يشاركوا في اللقاء، وهذه روح جيدة تدفع بحل قضايا الوطن والعلاقات الخارجية مع دول الجوار وحل الضائقة المعيشية.