أخبار

يسع الجميع..!!

بداية مبشرة، وابتدار مسؤول ذاك الذي تابعه السودانيون من فعاليات اللقاء الرئاسي التشاوري للقوى السياسية والحزبية. ولأول مرة منذ سنوات يحس شعبنا أن قادته السياسيين يلتقون للصالح العام.. كان الكبار من قادة المعارضة كباراً حقاً وهم يتجاوزون مرارات ما سبق ويأتون لا يمنعهم عن عطاء قولهم وتصوراتهم شيء.. ظهر “الترابي” بحضور كبير، طرح أفكاره في شكل نثر مختصر لكنه مفيد.. “الصادق المهدي” طرح قوله، وكعادته بادر وحلق وحام ثم اقتنص.. وكالعادة غاب مولانا “محمد عثمان الميرغني” لكن كلمته وصلت! وهكذا أتى الجميع، إلا من أبى، ومن يأبى الاجتماع على خير لوطنه فهو شقي في الشقاوة يقيم لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.
لقاء قاعة الصداقة وما صاحبه من قرارات وتوجيهات من رئيس الجمهورية بشأن الحريات وإطلاق سراح الأنشطة السياسية، بل والسماح لقادة الحركات المسلحة بالوصول إلى الخرطوم وإدارة الحوارات في إطار المشروع الوطني العام كلها توجهات من اللازم أن تختبر بأنشطة فاعلة وإيجابية ومسؤولة، إذ سيكون جميلاً ومفيداً لو المرحلة المقبلة شهدت أداء اتسم بالإيجابية في التداول والحراك الحزبي أو الإعلام، وكلما تحلى الجميع بمنهجية الخير والحقيقة كلما ارتفع سقف الآمال في محصلة إيجابية، وكلما انتكس الأداء كلما ارتد الجميع إلى نقطة البداية خاسئين، إلى أيام الفرقة والتجريح.
السودان بلد يسع الجميع، وسعهم قبائل وأعراقاً شتى، بلد وهجر ومعبر ثم مستقر، وسعهم عرباً وأفارقة، مسلمين ومسيحيين، ثقافات متعددة تعايشت وتمازجت، فكونت هذا الوطن الجميل، بسمت التسامح البهي ونباهة أعراف الصالحين، ما عرفنا بين الأمم إلا بنبيل الخصال ووسيم المناقب، إن تدينا فديننا وسطي سهل عميق.. كل هذه التباينات عززت المشتركات، ولهذا فالوطن الذي وسع الناس بأخلاقهم لهو أقدر وشعبه أن يسع الساسة بتقاطعاتهم واختلافاتهم، ومثلما تمازجت كل القوميات وتلاقت هنا فيمكن للأحزاب على ذات المنوال أن ترسم لوحة من التماسك باهرة الألوان والتفاصيل، تتعدد فيها الفروع لترتد إلى أصل واحد.
الأصل في هذا البلد التلاقي، والاستثناء فيه الافتراق، وحتى الجنوبيون الذين فعلوها خياراً أو اضطراراً أدركوا الآن أنهم لو استقبلوا من أمرهم ما استدبروا لكان الحال غير الحال والموقف غيره، ولهذا فطوبى للذين كانوا مساء الأحد خالصين لوجه الله والوطن، ولتكن الساعات والأيام المقبلة نفرة وهبّة لصالح السلام والوفاق والتصالح الكبير والمصالحة.. وقد جربنا الحرب سنين فما أورثتنا إلا الأحزان القائمة، وجربنا البغض والخصومة على التصنيف واللون السياسي فما ربحنا إلا علل النفوس وهاجرة العداوات الممتدة، فأقدموا قادتنا وشيوخنا إلى عمل وطني لا منتصر فيه إلا شعبكم وبلدكم الكبير فمن لحق بالركب مرحباً، ومن تمنع فإن الله يمنع رحله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية