لا بد أن نضع الوطن في حدقات العيون!!
عندما نريد حسم الأمور بصورة سريعة بدون مطاولات أو لف ودوران، المثل السوداني هنا حاضر فيقول (أمسك لي وأقطع ليك)، أو كما يقول المثل المصري (أقطع عرق وسيح دمه) ولكن في السياسة الأمر مختلف تماماً وعلى شاكلة المثل السوداني (أمسك لي وأقطع ليك) في السياسة يقولون (مط لي وأنا أمط ليك) بمعنى أن الأمر في حالة (مط) مستمر وحالنا السياسي ما زال في حالة (مط) طويل وهذا الأمر أقعد بالسياسة السودانية وأدى إلى تراجع الوطن مئات الأميال وإذا نظرنا إلى السودان الذي بلغ من عمر الاستقلال ثمانية وخمسين عاماً ما زلنا نتراجع للوراء، بينما الدول التي كانت تنظر إلى السودان كالثريا هاهي الآن قاربت أن تصلها بعد أن كانت تنظر إليها من السودان.
فالدعوة التي قدمها رئيس الجمهورية إلى الأحزاب السياسية والتي وصلت لأكثر من تسعين حزباً سياسياً كان يراد منها أن تحسم تلك الأحزاب أمرها بالموافقة على الحوار الذي يساهم في حل كثير من المعضلات والمشكلات السودانية التي سببت تأخره وتراجعه عن الأمم. فقبل ثلاثة أشهر طرحت الدعوة وما زالت الأحزاب في حالة شد وجذب وعدم وضوح رؤية لمواقفها وأصبحت اللقاءات عبارة عن طق حنك بين السياسيين يجتمعون ويتناقشون وعندما يخرجون كل يعمل بطريقته. الوطن مثخن بالجراح والشعب في حالة معاناة يومية والحالة الاقتصادية كل يوم من سيء إلى أسوأ، ولم تلح في الأفق إلا بوادر للخروج من هذا النفق المظلم..المرضى بالآلاف والأدوية منعدمة تماماً، والمستشفيات الخاصة تطالب بملايين الملايين للعلاج، والمواطن لا يملك قوت يومه، والمساجد تعج بالسائلين عن حق العلاج وحق الأكل، الحالة قهرت كبرياء الرجال وامتلأت المآقي، والدموع تنهمر بغزارة ويكاد الرجال يبكوا، ولكن فضلوا البكاء الصامت بينما الحناجر تطالب بالمؤاساة.
إن الأحزاب السياسية السودانية لن تقدر على حل مشاكلها ناهيك عن مشاكل هؤلاء الغلابى، وإذا تدافع الناس وجاءوا من كل فج للمشاركة في اللقاء، فلا أعتقد أنهم سوف يتفقون على المخرجات كل حزب له رؤيته وله غبينته التي لا تجعله قادراً على تناسي الماضي، والحكومة لن تقبل بمنح المعارضة أكثر مما تستحق حسب رؤية المتشددين في الحكومة، ولكن ينبغي أن ينظر قادة ورؤساء الأحزاب إلى هذا الوطن وإلى المواطن الغلبان عسى ولعل أن ينفرج الحال ويعود السودان وطناً يسع الجميع، وتعود الحركات المسلحة لتشارك في السلطة كل حسب قوته، وتعود دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وتعود جوبا من جديد إلى حضن الوطن وتعود المستشفيات تقدم العلاج المجاني للمواطنين، ويعود التعليم الحكومي إلى سيرته الأولى، فقط أن يجعل القادة الوطن في حدقات العيون.