ولنا رأي

مبدعون ولكن!!

لا نحس بقيمة مبدعينا إلا حينما نفقدهم أو إذا تحدثت جهات أخرى عنهم وعن إمكانياتهم وقدراتهم، فالمبدعون في السودان بمختلف مشاربهم مهضومو الحقوق في كل مجالات الإبداع، فلاعب كرة القدم يكون ملء السمع والبصر، تتغنى الجماهير وتطرب لفنياته داخل المستطيل الأخضر خاصة عندما يحقق لناديه انتصاراً غالياً، لكن هذا المبدع إذا خفت بريقه وقلت إبداعاته وكبر في السن ولم يستطع أن يقدم فناً يبهج الجماهير الصيحات تنادي بشطبه أو المطالبة باعتزاله، وهكذا في كل المجالات حتى في الفن عندما يكون الفنان نجم الجماهير يسعد الناس طرباً ولحناً نجد الجميع يلتفون حوله، ونجد منزله يملأ ويفرغ من الزوار ولكن عندما يخفت البريق ينفض الناس من حوله.
أمس الأول تشرفنا بوجود الموسيقار المبدع “بشير عباس” بيننا واختياره لصحيفة (المجهر) لتكون المنبر الذي يحدث الناس ويطرح القضايا من خلالها، وهو الرقم الأكبر في عالم الموسيقى بالبلاد.. جاء إلى (المجهر) بنفسه لتكون صحيفته الأولى، يقدم من خلالها وعبر مؤتمر صحفي يشهده أهل الفن ومحررو الصفحات الفنية وعدد من الفضائيات.
لقد عانى الموسيقار “بشير عباس” من الظلم والاضطهاد من بني جلدته، وعجبت عندما رأيته ينزل من تاكسي صنع في الستينيات أو الثمانينيات ولم يمتطي آخر موديلات السيارات الفارهة التي يركبها صغار المطربين الآن.
الموسيقار “بشير عباس” هاجر بفنه وإبداعه إلى “كندا”.. عاش أكثر من عشرين عاماً فيها عزيزاً مكرماً، ربما الذي وجده فيها لم يجده في وطنه الذي قدم له الكثير والكثير.
الموسيقار “بشر عباس” تحدث بألم شديد عن الإهمال الذي وجده من أهل بلاده وحتى آخر الاحتفالات التي يفترض أن يكون في مقدمة الحضور لم يجد أسمه فيها وهو (مهرجان العود)، هل يوجد الآن من يجيد عزف العود مثله؟.
لقد حقق الكثير للسودان في المحافل الخارجية ولكن لا أحد يسمع أو يرى، قال: لقد شاركت في واحد من المهرجانات الفنية التي صُفي عدد المشاركين فيها من كل دول العالم إلى اثنين وعشرين دولة، فكان ترتيب السودان أو ترتيبه في ذلك المهرجان رقم ثلاثة متفوقاً على “إسرائيل” الخصم اللدود للعرب والمسلمين.
“بشير عباس” قامة فنية سودانية لم يحس بها لا أهل الفن ولا مسؤولو الدولة، جاء لمن يحسون به جاء إلى (المجهر) باعتبارها الملاذ الآمن وناصرة الضعفاء والمستضعفين، كنا سعداء أن اختار الموسيقار “بشير عباس” لقيم مؤتمره الصحفي من داخل صحيفتنا، ويعلن أنه ابن (المجهر) وسيشارك في كل احتفالاتها.
الموسيقار “بشير عباس” كانت معه مظلومة أخرى وهي البلبلة “هادية طلسم”، كل الناس يظنون أن (البلابل) من أثرى أثرياء الفنانين ببلادنا، وأذكر في عام 2009م عندما التقيت بالبلبلة “حياة” بمنزلهم بـ(محطة البلابل) تحدثت بألم شديد وعن ظلم الشعب والحكومات لهن، فقالت لي: “ما تسمع هذا الصيت نحن لم نجنِ من حكم “نميري” شيئاً لا أرض ولا مال ولا شيء”. حقيقة إن المبدعين في بلادنا مظلومون ظلم الحسن والحسين، لا نستثني أحداً منهم.. كم من مبدع يبحثوا له آخر أيامه عن تذاكر السفر لعلاجه بالخارج وعن معيشة أبنائه، هل بالإمكان أن يكون هناك صندوق لرعاية المبدعين يجنبهم السؤال آخر عمرهم، شكراً لـ”الهندي” الذي قدم لهؤلاء المبدعين، ماذا تعني سيارة 2014م لـ(البلابل)، وماذا يعني شيك لـ”بشير عباس”؟.. هذه قطرة نأمل أن تكون بحراً للمبدعين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية