أخبار

حافر العصاة..!!

عجبت لرئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي “نكوسازنا زوما” وهي تلتقي قيادات حركات التمرد في دارفور، ثم تعلن أن المتمردين قد أكدوا لها التزامهم بالسلام والعمل كي يكون السودان موحداً وتكون له إرادة وطنية تعكس تنوعه الثقافي والديني، وأن هناك حاجة لإجراء حوار وطني لمعالجة المشكلات التي تواجه السودان! يقولون هذا ومليشياتهم تقتل المواطنين في (الطويشة) و(اللعيت) ومدن أخرى في شمال وجنوب دارفور، ويقتلون أهل الجنوب في ولاية الوحدة، ثم لا تملك “زوما” إلا الاحتفاء بقولهم وكأنهم قد قالوا سلاماً.
وبالطبع لن يخسر “جبريل إبراهيم” و”مني أركو مناوي” ولا “التوم هجو” شيئاً، فهم يتجولون عبر الموانئ الجوية ويدخلون صالات المطار ببطاقة رجال الأعمال، وكل ساعة تقودهم إلى عاصمة أوروبية أو أفريقية يكسبون فيها ما تيسر من المال وسعة الرزق وصحبة الأماجد، فالاتحاد الأفريقي يضيفهم في أفخم الفنادق، وحكومات كمبالا وباريس تنفق عليهم رعاية صحية وتعليماً لأبنائهم وأسرهم التي نالت الجوازات الأوروبية، وبالتالي فليس لديهم ما يخسرونه إن احترقت كل دارفور أو صار أهلها نازحين هائمين على وجوههم في الوديان ومجاري السيول.
أحد زعماء دارفور ممن يتهم الآن بأنه متورط في نزاعات بالإقليم، هاتف نجماً غنائياً كبيراً يقيم حفلاً، وطالبه بحجز مقاعد أمامية لأبنائه الذين يرغبون في حضور المنشط.. الزعيم الذي كان يتصل من فيافي دارفور، لم يهدأ حتى تأكد من أن عائلته الكريمة حجزت مقعدها المميز متمنياً لهم حفلاً سعيداً، ولكنه نسي ربما أن يتمنى لآخرين من بسطاء قومه نوماً هانئاً وسلاماً، لأنهم عنده ربما لا يستحقونه، وإنما لهم (حافر العصاة) كما يقول مثل أهل المنطقة العامي.
لن ينصلح شأن هذا الإقليم طالما أن أبناءه ورموزه وقادته أهمتهم أنفسهم، وصار كل الأمر لهم سلماً إلى المناصب ومشروعاً للزعامة ولو أتت على جماجم الضحايا.. كلها صراعات تحركها غبينة القبلية المتخلفة وحزازات النفوس بين هذا وذاك، ولا علاقة لها بتطوير أو مشروع سياسي وبرنامج خدمي، ويتساوى في هذا من هم بالداخل أو المقيمون بالخارج، فطالما أن القضية ستظل (نقاطة) في جيوب البعض وتتفتق عن سوانح للتتويج والبطولة الدامية، فلا بأس بحرق القرى ومطاردة الأهالي وابتزاز المركز في الخرطوم.
كل أمراء الحرب وزعماء الموت وتجار الضغينة والفجيعة بدارفور، يجب أن يحسموا حسماً أولى درجاته ألا تكافئ الحكومة أمثالهم بالمناصب والوظائف والإكراميات، فمن نال من حق مواطن أو ألحق أذى بهذا الوطن، كان من عضوية المؤتمر الوطني أو الحركات المسلحة يجب ألا يتم الغفران له، وطالما أن الحرب مستمرة والدماء تجري، فليكن الحسم والحزم قائماً لأن كل من نظنه (موسى) يتحول إلى (فرعون)، فما كسب الأهالي المساكين في تلك البقاع إلا حرباً تلد أخرى، رغم كثرة اتفاقيات السلام وحشود الراقصين في القصر الجمهوري على أنغامه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية