ولنا رأي

عناية المولى تنقذ المرضى من الأخطاء الطبية!!

العلاقة بين كبار الأطباء أو صغارهم غالباً ما تكون مفقودة مع الصحفيين، ويعتقدون دائماً أن الصحافة عنصر هدم لما يقومون به. ولكن هؤلاء الأطباء أو أصحاب المستشفيات الكبيرة لا ينظرون لما يجري داخل مستشفياتهم ولا من جانب الأطباء.. فالحديث عن أخطاء الأطباء يثير حفيظتهم ولا يعترفون أن هناك خطأ طبياً، ولو وجد فدائماً يغطون لبعضهم، وحتى المجلس الطبي يعتقد أن الصحافة غير مسؤولة وما تكتبه نسج من الخيال، ولا يدرون أن الصحافة هي العين التي تبين لهم أخطاء زملائهم. وهي العين التي تنير لهم طريق الصواب ومراجعة تلك الأخطاء إن كانت من جانبهم أو من جانب الزملاء، فالطب في السودان الآن تراجع ويفترض أن يعترف كبار الأطباء بهذا التراجع، والعمل من أجل إعادته لسيرته النيرة التي كان يتمتع بها الطبيب وقتها.
لو كان هنالك صديق واحد للأطباء داخل قبيلة الصحفيين أكون أنا، فمنذ أن كنت طالباً كنت أتمتع بعلاقات طيبة مع طلبة الطب بالقاهرة ومازالت علاقتي بهم حميمة، منهم الاستشاريون في تخصصات الطب المختلفة، ولذلك أعي تماماً هذه المهنة. ولكن الجيل الحديث من الأطباء لا يكترثون كثيراً وربما لا يجودون عملهم.
قبل أيام دخلت إحدى المستشفيات الخاصة، فالمريضة لم تكن بالصورة التي تدعو لتلك الشفقة أو الخوف، ولكن الأطباء أرادوا أن يدخلوها العناية المكثفة. وأدخلت لعدة أيام ثم أحيلت بعد ذلك إلى العنبر .. واحدة من الممرضات بالمستشفى الخاص الكبير ربما لم تدرب في هذا المجال تماماً، فعندما بدأت في قياس الضغط لم تقس بما هو معروف، فأصيبت بالرهبة والخوف وهرولت إلى الاختصاصي تشكو له حالة المريضة، فجاء مذعوراً ولحسن الحظ أن ابن المريضة طبيب جاء من دولة عربية للوقوف على حالة والدته فقاس الضغط فكان عادياً، فسألها لماذا هذا الذعر والخوف فلم تجب أو ربما خجلت لأنها لم تعرف قياس الضغط جيداً، بعدها بساعات حاولت إعطاء المريضة حقنة ولما لم تستطع وضعت على الحقنة (لصقة) وأغلقتها، فما كان من ابن المريضة الطبيب إلا أن قذف بقارورة الحقنة بعيداً وقال (والله لو ما كنت موجوداً لا أدري ماذا كان سيحدث)؟
وفي اليوم التالي أدخلت مريضة المستشفى وبعد الفحص أعطيت علاج (تايفويد)، لا أدري كيف يمنح الطبيب المريضة علاج (التايفويد) وأن المرض لا يظهر إلا بعد أسبوع أو أسبوعين حسب رأي أحد الأطباء. وعندما منحت هذا العلاج زاد من آلامها.. فأجرت فحصاً آخر وكانت النتيجة ملاريا.
المريض في السودان يمكن أن يموت في أي لحظة نتيجة لخطأ بسيط، فهذه المريضة كانت مصابة بالضغط، فقبل أن يتم الكشف عن الضغط منحت (درب ملح) فزاد من ضغطها، ولولا وجود شقيقها الطبيب وعناية المولى، لكانت من ضمن الموتى الذين يروحون نتيجة أخطاء طبية، يظنها الأطباء أو الممرضون بسيطة. المستشفيات أصبحت فنادق (خمس نجوم)، أما الطب فعبارة عن تجارة لدر المال وليس علاج المرضى.. يجب أن تُجرى ورش عمل لمعرفة لماذا تدنى مستوى العلاج والتطبيب في السودان؟ ولماذا كثرت الأخطاء الطبية حتى يعود طبيبنا السوداني الذي يعرف المرض من أول نظرة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية