ولنا رأي

مفاوضات "أديس أبابا" بين التفاؤل والتشاؤم!!

قلة من الساسة أو القريبين من عملية المفاوضات ليس بين الحكومة أو قطاع الشمال، ولكن منذ أن دخلت الحكومة في مفاوضات مباشرة بين أبناء الوطن الواحد، عندما كان هناك وطن واحد قبل الانفصال، كانوا غير متفائلين بالوصول إلى السلام عبر التفاوض المباشر.. ولذلك لم يكن الآن هناك بصيص أمل للوصول إلى سلام عبر التفاوض لذا انهارت المفاوضات، وهي مازالت تسير بنمرة واحد قبل أن (تعشق) بصورة تدفع بالسير بنمرة أربعة. كثير من المراقبين للمفاوضات كانوا متأكدين أنها سوف تنهار في أي لحظة، ولذلك لم يخيب “ياسر عرمان” رجاءهم. لقد ذهب مساعد رئيس الجمهورية البروفسور “غندور” إلى هذه المفاوضات وهو يرأس وفدها، ولكن يبدو أنه أيضاً لم يكن من المتفائلين وإن تظاهر بهذا التفاؤل. ومرد عدم التفاؤل من “غندور” أو غيره من الساسة، لأن “ياسر عرمان” دائماً كان (خميرة عكننة) لأي مفاوضات، ويدخل في ذلك مزاجه الخاص وليس المصلحة الوطنية التي تحتم عليه السير بالعملية إلى المبتغى الأخير لمصلحة هذا الشعب، الذي ظل يحاول أن يجد خيطاً رفيعاً أو إضاءة حتى ولو خافتة في النفق المظلم الذي يوصل في النهاية إلى السلام الذي ينتظره أبناء الغلابة من الشعب السوداني، الذين سئموا طلقات النيران والمدافع والحرب التي ظلت تحصد فيهم ومنهم، وليس الذين يجلسون وينامون في الفنادق خمس وست نجوم. لم يحس أولئك بمعاناتهم ولم ينظروا إلى الدمار والخراب الذي أصاب المدن والقرى والفرقان. لقد عانى أبناء النيل الأزرق وجنوب كردفان وغيرهم من أبناء المناطق التي يدعي أولئك أنهم يعملون من أجل مصلحتها.
لو كانت هناك ذرة من الوطنية لتناسى الجميع خلافاتهم الشخصية، وجلسوا من أجل الوصول إلى سلام يحقق الأمن والرفاهية لهؤلاء الغلابة. لو كانت هناك ذرة من الوطنية لحس أولئك كيف ضاع مستقبل الأطفال وكيف فقدوا الأمن والأمان، وظلت تطاردهم عمليات الهدم والضرب والغارات الليلية التي حصدت الصغار قبل الكبار.
لو كانت هناك ذرة من الوطنية لسعى الجميع للاتفاق مهما يكن، رغم أن أبناء تلك المناطق لم يرسلوا مندوباً للحديث نيابة عنهم. وإذا كانت هناك توقيعات تقدم لطاولة المفاوضات للحديث نيابة عنهم، لخرجت أسماء كثيرة من الشباك وليس بالباب. فأهل تلك المناطق هم أدرى بمصالحهم وبمصالح أهلهم، بينما من ينظر إلى مصلحته الشخصية وأضاع المصلحة العامة، ولذلك لن تتوصل المفاوضات إلى حل ما لم يشرك أهل المنطقة وفق استفتاء عام، يقوم المواطنون بترشيح من يمثلهم في تلك المفاوضات. وهنا يمكن أن تصل المفاوضات إلى حل شامل للمشكلة، وإلا سيكون هناك صرف وجولات بلا فائدة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية