هذا ما يحتاجه المواطن يا بروف "غندور"..!!
ما زال خطاب رئيس الجمهورية الذي ألقاه مساء (الاثنين) الماضي بقاعة الصداقة بالخرطوم، والذي حضره الأمين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور “حسن الترابي” في أول ظهور له منذ العام 1999م، وكذلك حضره الإمام “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة والأنصار، وعدد كبير من رؤساء الأحزاب السياسية، وأعضاء السلك الدبلوماسي والإعلاميين.. ما زال الخطاب يلقي بظلاله على المجتمع والناس، ونظراً لخروج عدد كبير من الذين استمعوا للخطاب أو معظم أبناء الشعب السوداني ولم يفهموا ما حواه الخطاب، سارع المؤتمر الوطني إلى عقد لقاءات تنويرية للإعلاميين على الأقل ليفهموا ثم يُفهموا الآخرين.
البروفيسور “غندور” دعا رؤساء التحرير وكُتّاب الأعمدة للقاء تنويري بإحدى قاعات المؤتمر الوطني مساء أمس الأول.. حضر عدد من رؤساء التحرير وبعض كُتّاب الأعمدة، إضافة إلى عدد من المحررين.
البروفيسور “غندور” حاول أن يبسط لغة الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية ولم يفهمه الناس.. قال إن الخطاب عبارة عن وثيقة إصلاح أعدها المؤتمر الوطني ولا تخص الحكومة ولا الأحزاب المشاركة في الحكومة، وقال إن الوثيقة قدمت باسم الحزب لأنها إذا ما قدمت باسم الحكومة لقسمت المجتمع إلى نصفين، لذلك هي وثيقة حزب المؤتمر الوطني ورؤاه في الإصلاح فيما طُرح من قضايا متعلقة بعملية السلام والهوية السودانية التي لا يُختلف عليها، وعملية الانتخابات ورؤاه فيها، وقضية الفقر ومحاربته.
البروفيسور “غندور” كان هادئاً وهو يشرح الوثيقة بلغة بسيطة، ويحاول أن يقول للصحفيين إن هذه الوثيقة هي وثيقة إصلاح ولم تكن وثيقة قرارات كما توقعها الشعب، وظل حابساً أنفاسه أمام التلفاز والمذياع لسماع قرارات بحل الحركة الإسلامية وحل البرلمان وغيرها من القرارات التي كان يتوقعها الشارع. ولكن “غندور” قال: (لقد تحدثنا من قبل أن الوثيقة إصلاحية، ولكن الإعلام زاد من سقف التوقعات ولم يتحدث المؤتمر الوطني ولا الحكومة ولا الأشخاص عن تلك التوقعات أو المفاجآت)، وقال إن الوثيقة ملك خاص للمؤتمر الوطني، يحاول من خلالها أن يعالج كثيراً من القضايا، وهي مطروحة للأحزاب السياسية وكل حزب يقدم مقترحه حول الوثيقة التي سيقدمونها، وسيؤخذ بما هو أنفع للوطن إن كانت للأحزاب أو للمؤتمر الوطني.
لا أدري لماذا يأتي المؤتمر الوطني دائماً متأخراً عندما تكون هناك أزمة وتحتاج إلى علاج؟ لماذا لا يتقدم البروفيسور “غندور” وبهذه اللغة السمحة والسهلة لإفهام المجتمع ما يريد المؤتمر الوطني؟ لماذا ينتظرون حتى تكثر الإشاعات؟ لماذا لا يكون هناك أكثر من “غندور” في الفضائية السودانية والنيل الأزرق والإذاعة السودانية و(FM100) وغيرها من القنوات لتهيئة الرأي العام بما هو آتٍ، حتى لا تكون الصدمة عنيفة لغير المتوقع؟!
البروفيسور “غندور” قال إن رئيس الجمهورية سيخاطب الأمة السودانية عبر مؤتمر صحفي آخر عقب عودته من أديس أبابا.. لماذا تضعون الرئيس في وقف لا يحسد عليه؟ لماذا لا يكون الحديث واضحاً من البداية بدلاً عن لقاء ثانٍ وثالث ورابع؟ لماذا لا يكون حديثاً واحداً مفهوماً ومبسطاً بدلاً عن حديث مبهم ويحتاج إلى تفسير وتوضيح؟!
إن الشعب السوداني يا بروف “غندور” يعلم ما جاء في الخطاب ولا يختلف أحد على ما جاء، ولكن المواطن لا يعنيه أكثر من أكله وشرابه، يريد أن يخاطبه الرئيس عبر معيشته.. متى ستنخفض الأسعار.. متى ستعود المدارس الحكومية إلى وضعها الطبيعي.. متى تنتهي معاناة الأسر حول تعليم أبنائهم ومتى ينتهي هم المصاريف الدراسية من الروضة حتى الجامعة.. متى يدخل المواطن المستشفى ولا يحمل همّاً لفاتورة العلاج.. متى يكون مطمئن البال وهو في مسكنه.. متى يركب المواصلات بأسعار زهيدة وينالها في أي وقت.. متى تعود الحياة الطبيعية الهانئة الرغدة.. متى يكفي المرتب الموظف والعامل.. متى يكون المواطن مواطناً من الدرجة الأولى.. متى ينتهي التعدي على المال العام.. ومتى يتوقف فساد من يتولون الأمر!! كل هذا يريده المواطن ولا يريد خطابات كبيرة.