ولنا رأي

النفاق السياسي والاجتماعي!!

سادت حالة من الفرح العديد من بيوت الوزراء الجدد، وتدافع الذين يعرفون والذين لا يعرفون القادم الجديد إلى السلطة، منهم من حمل كبشاً أملح أقرن لتقديمه عربون صداقة مع الوزير الجديد عسى ولعل يحظى بـ(كوتة) أو تصاديق محلات تجارية أو سكنية بعد أن أطعم الفم لتستحي العين بعد ذلك.
النفاق السياسي أو الاجتماعي متوفر عندنا بكثرة وقليل من يقدم خدمة بدون مقابل، وهذا ما نلاحظه خلال التشكيلة الوزارية الجديدة والتي أُعلن من خلالها عن أسماء لم تكن معروفة، ولكن ربما تكون معروفة لبعض الناس وبعض القبائل في ظل تنامي وتصاعد القبيلة على كل شيء في السودان، فقد لاحظنا كيف تدافع المهنئون وكيف تعامل معهم أهل الوزير الجديد الذي لم يحظ بمثل هذا الاهتمام من قبل، فقد كانوا يعيشون حالة من الصمت، وقل أن يزورهم عدد بمثل تلك الكمية التي تدفقت عليهم وربما كانوا يعيشون على الكفاف قبل أن تأتيهم الوزارة، فأجبرتهم أن ينافقوا أيضاً المهنئين الذين لم تطأ أرجلهم منزلهم.
وزير أم درماني عندما عُين لأول مرة تدفق عدد كبير من الناس على منزله، وذهب سائقه إلى أقرب بقالة فحمل منها مجموعة من علب (النيدو) وجوالات سكر فأتى بها إلى منزل الوزير الأم درماني العفيف الشريف، فما أن رأى الرجل يحمل تلك العلب الكبيرة من (النيدو)، سأله من أين أتيت بتلك العلب ولماذا؟ رد عليه: سعادة الوزير عشان خاطرك وضيوفك، فرد عليه السيد الوزير بقوة طالباً منه إعادتها من حيث أتى بها.
إن المنافقين يظهرون في مثل تلك الأيام، منهم من يطلب من السائق إنزال مجموعة من الخراف، وآخر يطلب من سائقه إنزال جوالات السكر، ومنهم من يطلب إنزال كميات من البارد، وهي محاولات لكسب ود السيد الوزير الذي لم يتشرف بالمعرفة الكاملة بهؤلاء، لكنها محاولة للنفاق وإدعاء المعرفة ولا ندري أين كانوا قبل أن يعتلي هذا الشخص سدة الحكم أو الوزارة؟ أين كانوا عندما كان يبحث عن قيمة الدواء أو مصاريف الدراسة لأبنائه؟
إن (الصيوانات) التي تُنصب أمام منازل الوزراء خلال هذه الأيام والولائم والذبائح أولى بها أبناء تلك الولايات الذين يعيشون ظروفاً سيئة بأطراف المدن، وليس السيد الوزير في حاجة إلى هذا النفاق الذي ينتهي بانتهاء خروجه من الوزارة، وإذا نظرنا إلى الصورة من جانب آخر.. هل عدد الزوار الذين جاءوا إلى نائب رئيس الجمهورية الدكتور “حسبو محمد عبد الرحمن” نفس العدد الذي ذهب إلى الأستاذ “علي محمود” وزير المالية الأسبق؟ وهل نفس العدد ذهب إلى الباشمهندس “أسامة عبد الله” الذي خرج من الوزارة؟ وكذلك الأستاذ “كمال عبد اللطيف” وزير المعادن الذي كانت له صولات وجولات، وهل إذا دعا الأستاذ “كمال عبد اللطيف” الصحفيين إلى مؤتمر صحفي بعد خروجه من الوزارة.. هل سيتدافعون نحوه كما كانوا يتدافعون إليه عندما كان وزيراً؟ وهل الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق سيتواصل معه الذين كانوا يزورونه ليل نهار، أم سينقطعون عنه؟
إن الحديث أعلاه ربما لا ينطبق على الكثيرين، فهناك الأصدقاء الأوفياء لا يهمهم إن كان الشخص داخل الوزارة أو خارجها، ولكن الغالبية العظمى من البشر لا تهتم بك إلا إذا كنت فوق الثريا وإذا هبطت منها فلن تجد من يقف معك، ونلاحظ ذلك عند نجوم كرة القدم، فاللاعب الذي كان ملء السمع والبصر لم يجد بعد ذلك صديقاً أو رفيقاً ولم يجد تدافع المواطنين على منزله عند الانتصارات، وكذلك نجوم الفن والصحافة والسياسة وغيرها من الأعمال التي خلقت نجوماً في المجتمع. لذلك يجب على الوزراء الجدد أن يلتفتوا إلى مهامهم ومصلحة الوطن لرفعته ونهضته حتى تكون المرحلة المقبلة أفضل من سابقتها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية