أخبار

باركوها

أما وقد أعلن التشكيل الوزاري الجديد ولم يعد خبراً أو حدثاً، وثبتت التغييرات وجرت سنة البديل ومضت، وبعد إجزال الشكر والثناء لمن تنحى ونحي، ومن بعد حفظ أقدار الرجال لمن سبقت منهم الحسنى، فقد آن الوقت وحان لنرى آفاق المستقبل، فجبال التحديات عالية والهموم مثقلة والمسير عسير وشاق. أمامنا هموم الوضع الاقتصادي المرتبك، وتحديات الأمن وشواغل العلاقات الخارجية واستحقاقات السلام، وتثبيت دعاماته واستقطاب المناهضين له، في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، بل وفي الخرطوم نفسها التي فيها متمردون وإن كانوا بلباس ولسان مدني.
هذه كلها مقروءة مع هموم الناس في المعاش والخدمات، وقد أرهق شعبنا وأثقله الحمل، فكلها مناط أعمال في انتظار المكلفين الجدد. وهي أعمال تتطلب جهداً وعوناً للسداد قبل نحر الذبائح وتوزيع الحلوى، ليس مهماً الآن مشيخة فلان وحامية علان، فالجميع سودانيون، الوطن جمعهم وإليه يصدعون بالولاء والطاعة، فلا كبير إلا السودان ولا أصرة إلا منه وإليه، فمن ولي من أمرنا شيء فقد ولي على الجميع والكل أهله وفي جواره، فدعونا من خيالات الصراعات والأجنحة وخرافات مصارع الرجال تحت بروق الطمع بالسلطة، والتي لم تورد الساعين لها إلا الأسقام والعلل.
لا تنجح الدولة والحكومة والشعب معاً إلا بسد الفرج واستواء الصف ووحدته، وإن غلب الجميع صالح الوطن الكيان على ما عداه من عروض زائلة، فالأشخاص فانون والأنظمة كذلك، وسيبقى هذا السودان فيما يتحول الباقون إلى صفحة من صفحاته سودت كما ستكون بيضاء فذاك حكم التاريخ وشهوده.
إن هذا الشعب أوفى ووفي وتحمل الكثير، فإن رغبت الحكومة الجديدة في مشروع نجاح فعليها أول الأمر وابتدائه كسب ثقته، لأنه ولعوامل كثيرة ثمة اهتزاز كبير في تلك الثقة، لأول مرة منذ عقود يبدو وكأن الحكومة تواجه مأزقاً في قدرتها على إقناع السودانيين على الفعل والإنجاز. المسألة للناس لم تعد أسماء وشخوصاً إنما هي قد صارت رهاناً على إمكانية العبور بالجميع فوق محيطات الإحباط الحقيقية، أو المتوهمة التي تحاصرنا حتى صارت المسألة تحتاج إلى إنعاش معنوي وبيان بالعمل بأن القادم أفضل.
دعونا نحكم على المرحلة الجديدة بأعمالها، أعينوها بحسن السند وكريم المعتقد وجهير النصح، ليكن الصدق لسانها والطهر عملها والبذل المتصل نهجها، ولنترفع عن التخذيل فتلك صنعة العاجزين. وإني إذ أقول مرحلة لا أغمز جانب شخص أو جماعة، فكل من صدق وسبق محفوظ الحق والمقام. ولكني أدعو لأن يكون البشر والتفاؤل ظله فوق مظان الناس في التعديلات الجديدة، عسى الله أن يجعل على يديها فتحاً فما يقتل الشعوب أمر مثل القنوط.
باركوها يا جماعة وفي الأيام وكتاب الأعمال متسع لها، رغم أن كل هذا الأمر محكوم باتجاهات، ستتضح أكثر وبشكل جلي منتصف العام المقبل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية