ولنا رأي

المتعافي والبنك الزراعي!!

لم نطلع على تفاصيل اللجنة المختصة بالنظر في قضية التقاوي الفاسدة التي ملأت الدنيا الأيام الماضية ضجيجاً، اللجنة المعنية بالتحقيق في القضية قد فهمنا من حديث وزير الزراعة الدكتور “المتعافي” وتوجيهه الاتهام إلى البنك الزراعي بأن البنك هو المسؤول عن الفشل في تخزين تلك التقاوي بالطريقة المطلوبة، مما أدى إلى فشل إنبات التقاوي بالمشاريع الزراعية. ولكن حديث “المتعافي” للبنك الزراعي هل سيمر مرور الكرام أم أن البنك الزراعي سوف يتصدى لحديث وزير الزراعة، ويكشف المستور إن كان يمتلك أدلة تبين أن التخزين صحيح، وأن التقاوي المستورة أصلاً فاسدة ولا يمكنها الإنبات إن خزنت بطريقة صحيحة أم خطـأ.. إذن إن المعركة أصبحت بين وزارة الزراعة ممثلة في وزيرها “المتعافي” وفي البنك الزراعي ممثل في مديره، ولا ندري من المنتصر في النهاية؟!! والموسم الزراعي والقمح عليه السلام..
كثير من القضايا أشبه بالتقاوي الفاسدة لا تجد إجابات شافية ولا قرارات حكيمة، وفي النهاية تختفي تماماً، ولا أحد يسأل عنها طالما تمت (غطغطتها)، وكم من قضية فتحت ملفاتها، ولكنها أغلقت في صمت ولا أحد بعد ذلك طالب بفتحها من جديد، طالما جهات نافذة استطاعت أن تصل إلى الملف وسحبه، وهناك كثير من الأموال المختلسة، وأصابع الاتهام تشير إلى الشخص الفلاني والشخص الفلاني يعرف نفسه تماماً، والناس تعرفه تماماً، ولكن بقدرة قادر هذا الشخص الفلاني تتدخل جهات معينة فتحميه.. وتجبره على تقديم استقالته إذا كانت الرائحة فاحت وأزكمت الأنوف.. وفي صمت تجد الشخص قد غادر المكان، والسبب أنه لم يقو على العمل رغم صحته (المتلتلة) وعظمه القوي ونضارة وجهه وباستطاعته أن يصرع “جون سينر”.
إن انعدام الشفافية والمحاسبة جعلت لا أحد يسأل إذا سرق مال الدنيا كلها، وطالما لم يطل القانون أولئك فليفعلوا ما يريدون، ولكن هل يستطيعون النوم الهادي، هل يستطيعون أن يأكلوا ويستلذوا حلاوة هذا الأكل، لا ندري لماذا أكل أولئك الحرام، وهم يتلون كتاب الله صباحاً ونهاراً؟ ولماذا لا يخشى أولئك الموت الفجأة؟ لماذا لا يخشى أولئك العذاب في الدنيا قبل الآخرة؟ لماذا لا يخشى أولئك المرض الذي ينسف كل مال جاء عن طريق الحرام؟
نحن من الدول التي استقلت قبل عشرات الدول، ولكننا أصبحنا في مؤخرتها، تراجعنا من قيمنا وفي أمانتنا، وفي صدقنا تراجعنا حتى في الرياض، إثيوبيا وإريتريا بإمكانهما أن يحققا علينا النصر في عقر دارنا.
أصبح الغش في كل شيء، أصبح الهم الآن كيف تحقيق الثراء، كيف الحصول على المال حلالاً أو حراماً بأي وسيلة وبأي طريقة، أصبحنا لا نأمن بعضنا البعض، فمن طلب منك الاستدانة فلن تدينه لأنه لن يكون صادقاً في إعادة ما أخذه منك.. أصبحنا نكذب على بعضنا البعض حتى الموبايل أصبح للخداع والكذب، فمن كان قريباً منك يجيبك بأنه في بورتسودان أو نيالا، أو الضعين.. وإذا لم يرد عليك ادعى أن الرسالة أو الاتصال لم يصله، وهو يخدع نفسه أولاً قبل أن يخدع الآخرين.. فإذا لم نتمسك بديننا، وإذا لم نتعامل بالصدق والشفافية فسوف نسقط إلى الهاوية ولن يكون تراجع الوراء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية