ولنا رأي

من يعيد الثقة للمرضى؟

ما ورد بالصفحة الأولى بهذه الصحيفة عن إغلاق الكم الهائل من العيادات الطبية والمستشفيات الخاصة بالخرطوم أمر يحير ويدعو للدهشة والاستغراب، فرسل الإنسانية الذين يعتمد عليهم الإنسان في علاجه وتطبيبه يقع منهم هذا الفعل، فإلي أين يلجأ المريض إذا كانت هذه العيادات لا تعطي المريض الدواء الشافي، وفيها ممن يدعون المهنة مثلهم ومثل كثير من الميكانيكية الذين يدعون إصلاح السيارات، وما هم إلا متهجمين على المهنة، ولا يكتشف أمرهم إلا بعد وقوع الفأس في الرأس.
لقد اكتشفت وزارة الصحة مخالفات تلك العيادات والمستشفيات مؤخراً، ولا ندري ماذا جرى للمرضى الذين قصدوا تلك المستشفيات أو العيادات قبل أن ينكشف أمرها؟.
لقد أصبحت المستشفيات الخاصة تجارة، وكل من يملك المال يعتقد أن تلك المستشفيات بها العلاج الناجع، ولكن في الغالب أن الأطباء أصبحوا بلا ضمائر، وأصبح الهم الأكبر هو كيفية الحصول على أكبر قدر من المال.. فإذا جاء مريض إلى مستشفى خاص وبإمكانه أن يجد العلاج السريع تجد الطبيب يحجزه لمزيد من الاطمئنان، ولكن مزيد من الاطمئنان هذه تكلف الإنسان مال كثيراً.
وإذا كان هذا الإنسان ليس له المال الكافي إما أن يستدين، أو أهل الخير من أهله يقومون بالواجب؛ ولذلك أصبح الإنسان في السودان في حالة خوف واضطراب عندما يصاب بأي مرض.. وأحياناً يقال المال يُعوض، ولكن أن تدفع أموالاً طائلة وبلا فائدة؟.
حدثني أحد الأصدقاء أن مستشفى خاصاً له سمعته التي فاقت الآفاق فأدخلت امرأة العناية المكثفة به، فبقيت فيها لأسبوع تقريباً وأخيراً قرر لها إجراء عملية مستعجلة في الرأس، وفاقت تكاليف العملية ملايين الملايين، وإدارة المستشفى طلبت أن تدفع الملايين قبل إجراء العملية، والطبيب كان يعلم رغم أن العلم عند الله بأن نسبة نجاح العملية ضعيف جداً، وادعى أنه تنازل عن حقه في العملية، ولكن توفت المرأة بعد العملية بفترة بسيطة وحصلت المستشفى على تلك الملايين، وامرأة أخرى بنفس المستشفى الخاص أجريت لها عملية بتر رجل ودفع أهلها ملايين الملايين للمستشفى، ولكن بعد العملية لم تتحسن حالة المرأة وذهب بها أهلها إلى جمهورية مصر العربية، واتضح أن البتر كان خطأ.. وهناك الكثير والمثير في تلك المستشفيات الخاصة، ولا ندري هل أولادنا أو الذين يقومون بتشخيص المرض درسوا فعلاً طب، ولماذا طبنا وأطباؤنا لا يشهدون أطباء العالم ولماذا تكثر الأخطاء الطبية؟.
إن ما فعلته وزارة الصحة بكشف تلك المستشفيات والعيادات الخاصة المخالفة جاء متأخراً، وهل ما صرحت به وزارة الصحة في الخبر المنشور بهذه الصحيفة، هو كل الحقيقة أم أن هناك عيادات أخرى لم يتم كشفها، وكذلك مستشفيات لم يتم التوصل إليها؟، وهذا يعني أن المرضى سيفقدون الثقة في كل المستشفيات الخاصة، وحتى المستشفيات الحكومية حدث بلا حرج.
بالأمس اتصل عليَّ أحد الأشخاص الذي يرافق والدته المريضة بمستشفى أم درمان، حدثني عن التدهور الذي أصاب تلك المستشفى العريقة وعن انعدام الصحة فيها، بل أصبحت المستشفى أشبه بملجأ لكل باحث عن مكان ينزل فيه، بجانب السرقات التي تحدث ليلاً بالمستشفى، قال الشخص إن عدد المرافقين بالمستشفى أكثر من المرضى، وإدارة المستشفى التي كانت تتابع وتتفقد غرف المرضى وإخراج الكم الهائل من الزوار عدا شخص واحد يبقى مرافقاً لمريضه، فهذا الكم الهائل أتى بضعاف النفوس الذين يسرقون المرضى ومرافقيهم عندما يجن الليل.. وعند الصباح يهرب اللصوص، ويبقى المريض في أنين والمرافقين يبحثون أموالهم التي نهبت في غمضة عين، فهل تشدد إدارة المستشفى مع الذين يدعون أنهم مرافقون وهم في حقيقة الأمر لصوص؟!.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية