هل ينجح "غازي" في خطواته تلك؟!
على الرغم من شخصيته القيادية، ولكن دائماً تجده متردداً في الخطوة التي تلي خطوته الأولى، فالدكتور “غازي صلاح الدين” دخل السياسة وهو يافع، وكان من ضمن المجموعة التي احتلت دار الهاتف في أحداث 1976، ومضى في مسيرته السياسية كشخصية يشار لها بالبنان، يُسند أو يُوكل إليها كل عمل يراد تنفيذه بحكم (الكاريزما) التي لا تخطئها عين.. ولكن الدكتور “غازي” الذي أراد له الشيخ “حسن الترابي” في بداية الإنقاذ أن يكون له شأن عظيم في تلك الثورة، فكان ضمن المرشحين مع “الشفيع أحمد محمد” أحد القيادات الإسلامية لمنصب الأمين العام للمؤتمر الوطني الذي كان في بداية التأسيس.
وجرت الانتخابات في جو هادئ وظل “الشفيع” يتقدم على الدكتور “غازي” في الأصوات حتى منتصف الليل، وعندما أصبح الصباح انقلبت الموازين وفاز الدكتور “غازي” بالمقعد، ولكن بعض المراقبين كانوا يؤكدون أن الانتخابات وقتها جرى فيها تلاعب مما مكن الدكتور “غازي” من الفوز بالمقعد. ظل الدكتور علماً في الساحة السياسية يتقلد المناصب والوزارات وعندما حدثت المفاصلة في 1999 اتهم بأنه من ضمن جناح الشيخ، رغم أن موقعه في الحكومة كان بائناً.. وظل الدكتور “غازي” في مواقف غامضة يقدم رِجلاً ويؤخر الأخرى، وفي مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير الذي رشح فيه الدكتور “غازي” لمنصب الأمين العام كانت القلوب والعيون والأفئدة معه، ولكنه خذل تلك القاعدة التي كانت تعوِّل عليه فانسحب قبل بداية الترشيح؛ مما يدل على أن الرجل إما لا يثق في نفسه وإما أن تكون هناك عوامل أخرى جعلته يتردد في اتخاذ أي خطوة يخطوها، وهذا لا ينقص من شخصيته القيادية والزعامية، ولكن دائماً القائد يقول عليَّ وعلى أعدائي، فيخطو بخطى ثابتة لا يتردد حتى ولو لم تكن الخطوة في مصلحته.
وجاءت المذكرة الأخيرة الإصلاحية التي يرى فيها لابد من إصلاح المؤتمر الوطني وإصلاح الحكم، ورفع مع مجموعة من الإصلاحيين مذكرة للسيد رئيس الجمهورية، ولكن هناك بعض الأشخاص داخل المؤتمر الوطني اعتبروا الخطوة التي اتخذها مع مجموعة من الإصلاحيين غير موفقة، وإذا كانت هناك مذكرة أو إصلاح إداري يخص أجهزة الحكم ينبغي أن تناقش داخل أروقة الحكم بعيداً عن الإعلام، لذلكم رأت القيادة في الحزب لابد من محاسبته والمجموعة التي معه، وأسندت لجنة المحاسبة للأستاذ “أحمد إبراهيم الطاهر” رئيس المجلس الوطني، ورأت اللجنة فصل الدكتور “غازي” وآخرين من الحزب؛ مما جعل الدكتور “غازي” يعتبر أنَّ الأمر فيه قصد وهم أصيلون داخل المؤتمر الوطني، ولم يأتوا إليه من أحزاب أخرى، بل هم المؤسسون؛ لذلك اتخذ خطوة أخرى وهي تكوين حزب سياسي وإن كان حتى الآن لم يفصح عن هوية هذا الحزب، ولمن يتبع وما اسمه، وهل سيكون البديل للمؤتمر الوطني، وما هي القيادات التي سوف تنضم إليه، وكيف سيتم اختيار رئيس الحزب، ومن أين سيتم تمويله. أسئلة كثيرة يطرحها المراقبون، بل يسألون ما مدى نجاح الحزب إذا كانت الخطوة صحيحة وكيف سيتعامل المؤتمر الوطني معهم؟.
حسب ما ذكرنا في المقدمة فإن الدكتور “غازي” يمتلك كل مقومات الزعامة، ولكن ينقصه هذا التردد الواضح لكل من يعرفه.. وأذكر في إحدى المرات حينما عاد من خارج البلاد، وكان ممسكاً بأحد الملفات المهمة، ذهبنا إليه في المطار، ولكنه رفض التصريح، وطلب أن نذهب إليه في المنزل، وعندما ذهبنا إليه عقب صلاة المغرب، ورغم أنه هو الذي طلب إلا أنه رفض الإدلاء بأي معلومات، أعرف كثيراً من القيادات السياسية لا تبالي إن أحست أنها في موقف قوي، فالإعلام يعرف “غازي صلاح الدين” جيداً حتى مقابلاته الصحفية عقب النشر فيها مشكلة، لذا لا نتوقع أن تنجح خطوته تلك، وإذا نجح فلن تتقدم كثيراً.