أخبار

الكرسي الهزاز

“الموبايل” حين يكون في الوضع “الهزاز” يبدو لطيفاً وهو يرسل هزاته التي لا تبدو عنيفة أو مؤذية، لكنه أيضاً يجعل تواصلنا مع الهاتف من حيث الرد أو عدمه مشوباً بالتردد.. فالهزة توحي بأن المرسل والمرسل إليه ليسوا في جاهزية كاملة للكلام.. أما “الكرسي الهزاز” فقد ارتبط بالمسؤولين الكبار ورجال الأعمال و”الناس المهمين” كما تعكسهم شاشات التلفزة والسينما وهم يتخذون القرارات أو يمارسون الثرثرة وتزجية الوقت..!
من على تلك “الكراسي الهزازة” ظلت “القرارات” التي تهم البسطاء تصدر بحروف متقطعة أو مهتزة.. وهي قرارات لا تخلو من صيغ مطاطية تسمح بالعدول عنها لاحقاً أو التنكر لها تماماً..!
والأعين دائماً مفتوحة على الكراسي وخاصة “الهزازة” منها، فهي مريحة جداً وتحول قلق الكبار ومخاوفهم إلى حالة من الطفولية واللهو الذي يغلق أبواب المجهول…فمن يجلس على “الهزاز” يتوقع دائماً المغادرة أو الإقالة إلى كراسي ربما تكون أصغر أو أكبر حجماً.. غير أن “الهزازين” يعملون دائماً بالمثل القائل “طيرة في اليد.. خير من ألف على الشجرة”.. لذلك فهم متشبثون جداً بكراسيهم، ويكادون لا يفارقونها.. وإن حدث ذلك فهي معهم في يقظتهم ومناهم.. أما أحلامهم فلا تخلو أبداً من أشباح تلك “الكراسي” ولأنها “هزازة” فأحلامهم أيضاً “مهزوزة”.. ومن يراقب نومهم يلحظ كم هم “متقلبون” و”متأرجحون” وعلى هاوية السقوط من فراشهم أرضاً.. لولا.. انتهاء الحلم باكراً..!
هل لنا أن ننصح خصماء السياسة بأن يعقدوا اجتماعاتهم على كراسي “هزازة” مثلاً بدلاً من تلك الثابتة.. قد يُفضي ذلك إلى شراكات سياسية “تهتز” داخل غرف الاجتماعات فقط لتكون “راكزة” و”ثابتة” خارجها، وبذلك نضمن وجود شراكات غير “مهزوزة” و”هشة”.. تتلاشى عند أول منعطف..
ولأنه من حق الناس جميعاً أن تختار نوعية الكراسي التي تريد أن تجلس عليها بعيداً عن كراسي المسؤولية والوزارة والسلطة.. فربما تكون النصيحة الأخرى للغلابى من عامة الناس أن يبحثوا عن طريقة تجعل كراسيهم المتواضعة ذات خاصية “هزازة” وحيث “الطقوس” هنا ستتحول إلى ما يشبه قوس “الكمنجة”.. أي “التوافق” التام من حيث الشكل بين المواطن والمسؤول.. أو بين القرار ومن يُطبَّق عليهم القرار.. أما من حيث “المضمون” فلا أحد يكترث طالما أن الجميع “مهتزون” وكراسيهم هزازة.. وتعكس في شكلها التقبل الإيجابي للأشياء والقول دائما “نعم”!.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية