ولنا رأي

بعد الذهب هل يعود أبناء الشمالية

تعد الولاية الشمالية إحدى ولايات السودان الطاردة للبشر، فهاجر أبناؤها منذ عشرات السنين إلى جمهورية مصر العربية هجانة في الجيش وعاملين في البلاط الملكي، كما عملوا بالقصور الملكية بالمملكة العربية السعودية، ومنهم من هاجر إلى بقاع الأرض الواسعة طلباً للرزق نظراً لقسوة الطبيعة التي شردتهم، ولكن حينما بدأت تحلق الطائرة الهيلكوبتر إيذاناً بالهبوط في تلك الفيافي والصحاري، لم أكن أتوقع أن تكون تلك الأرض القاحلة التي هجرها الأبناء تذخر بهذا النعيم والخير.
لقد شهدنا ونحن في زيارة إلى مدينة عطبرة أمس وفي أحد فيافيها أقامت شركة صحاري للتعدين عن الذهب احتفالاً، والذي نظمته وزارة المعادن زيارة لتدشين الإنتاج الأولي منها والبالغ قدره طن ذهب في العام يتوقع أن يرتفع إلى طنين بنهاية عام 2014م. عندما تفجر البترول في العام 1996م وبدأت الإجراءات الأولية للإنتاج، لم يكن يتوقع أحد أن السودان رجل أفريقيا المريض سيكون له شأن بفضل هذا البترول. ولكن بعد خروج البترول وذهب كل إنتاجه إلى دولة الجنوب التي انفصلت طوعاً وفقاً لاتفاقية السلام الموقعة بين الجنوب والشمال في نيفاشا 2005م، ظن البعض أن خروج البترول هو قاصمة الظهر للسودان الشمالي، ولكن فتح الله على هذه الدولة بهذا الذهب الذي لم يكن متوقعاً كما البترول من قبل، ولكن بفضل جهود أبناء السودان الخلص أمثال الأستاذ “كمال عبد اللطيف” الذي نذر نفسه لهذا الوطن ليكون الذهب هو البديل، كما كان من قبله الدكتور “عوض الجاز” الذي بهمته تم استخراج البترول.
شركة صحاري هي شركة سودانية وطنية 100% استطاعت في هذه الفيافي القاحلة الشاسعة أن تقيم موقعاً لإنتاج الذهب خلال فترة وجيزة، ولن يصدق أحد أن في هذه المنطقة القاحلة تتوفر الكهرباء وحمامات على مستوى لا يتوفر في كثير من المناطق الحضرية. مدير الشركة “حسين الحاج علي” في كلمته التي شكر فيها الحضور تبرع للشعب السوداني بعشرة كيلو ذهب مساهمة منه في دفع الاقتصاد الوطني، ويقدر الكيلو بخمسين ألف دولار بمعنى أن الشركة دعمت الاقتصاد الوطني بخمسمائة ألف دولار. وإذا استمرت الشركات الوطنية في هذا المجال سيكون الذهب بديلاً للبترول الذي ذهب جميعه إلى دولة الجنوب بعد الانفصال. نائب رئس الجمهورية الدكتور “الحاج آدم” كان عنيفاً في خطابه وحاول أن يعيد إلى الأذهان الحالة التي كان يعيشها الناس قبل الإنقاذ والآن، من انعدام في الضروريات والطرق. ووصف الاحتجاج على انقطاع الكهرباء لثلاث ساعات والخروج في مظاهرات لم تكن الكهرباء متوفرة في حكومات سابقة لثلاثة أشهر، وعند عودتها يتغنى لها المواطنون. وشن هجوماً على المتخاذلين والمثبطين ودعاهم للالتحاق بصفوف الشباب من أجل التنمية والبناء والإعمار.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية