ولنا رأي

الماشي دار الريح!!

} اليوم الخميس 24 أكتوبر يوم لدار الريح كما يقول أهل الصعيد. اليوم رئيس الجمهورية المشير “البشير” يعود إلى أرض مهملة منسية في الذاكرة، لا يأبه بها أحد.. حظها ونصيبها من المشروعات التنموية صفر كبير في كتاب الإنقاذ الذي يفيض بإنجازات على طول البلاد وعرضها.. إلا دار الريح.. الأرض الرملية المنبسطة من الأبيض شمالاً حتى أم بادر وحمرة الوز وسودري ووادي الملك والجبال البحرية.. وتمتد دار الريح شرقاً حتى الدبة في الشمال وأم درمان.
} في حقبة النظام المايوي نهض مشروع درء العطش.. طاف “جعفر نميري” ممتطياً اللاندروفر القرى والفيافي والوديان، وحمل حتى ضيفه الشيخ الراحل “زايد بن سلطان آل نهيان” لبادية الكبابيش والكواهلة في أم درمان مثلما حمل “عبد الناصر” لبادية الرزيقات في (سبدو). ومن فضائل “جعفر نميري” أنه كان سودانياً بسيطاً.. يفرح مع الناس ويغني ويرقص ويحب ويعشق.. و”البشير” اليوم يبسط ذراعيه لأهله في بادية دار الريح.. وبتوجيهات الرئيس ورعايته وتكريمه للوالي الأسبق “محمد أحمد الطاهر أبو كلابيش” كان مشروع كوبري أو جسر وادي أبو زعيمة، وتأهيل وتوسعة سد مدينة أم بادر.
اليوم يكتمل المشروعان العملاقان بجهد ومثابرة “أسامة عبد الله” وزير الكهرباء، وهي الوزارة الثالثة التي تعمل وتكد وتكدح وتعطي مع أختيها الطاقة والمعادن، ولا يعرف السودانيون عن بقية الوزارات خيراً لها.
} في زمن جففت فيه الحروب الموارد، وأضحت الدولة عاجزة عن حتى الوفاء بتعهداتها القديمة، تقدم وزارة السدود جهدها من خلال مشروعين في غاية الأهمية لإنسان من حقه أن ينال شيئاً من ثروة السودان التي يستفيد منها سكان المدن، ولا نصيب لأهل الريف إلا الوعود السراب!
} يهبط الرئيس “عمر البشير” اليوم في بادية دار الريح التي هبط بها من قبل الشاعر المظلوم “الناصر قريب الله” قادماً من أم درمان، وطاب له المقام وسحرته عيونها وظباؤها وخمائلها وعبقها وجمالها.. كما سحرت من بعده “العباس” وشعراء آخرين.. تلك ديار قال شاعرها عن وادي أبو زعيمة الذي يفتتح الرئيس جسره اليوم:
الوادي البقوقي دباسو
فارقناه قمريهو وبلومو وناسو
أبو رقبة البعيد أكتافو من خراسو
عندي ديارو أفضل من مدن بناسو
} وفي سودري، حيث نظارة الكواهلة، نهض “أسامة عبد الله” بإعادة تأهيل سد نشأ في سبعينيات القرن الماضي ليسقي الحاري والعطشان، ولكن رياح (أمشير) والزحف الصحراوي سد درب المياه وكاد يجف في فصل الخريف.. ولأهل السافل ودار الريح مطالب وتطلعات وحقوق في التواصل مع عاصمة بلادهم الخرطوم، من خلال طريق (بارا – جبرة الشيخ – أم درمان).. الطريق الذي تعثر قيامه ومانعت المالية في دفع استحقاقات قيامه ولا تزال الدولة تتحدث عن الطريق كشعار، ولكنها لا تقدم على فعل يحقق رضا لقاعدة عريضة من الشعب من حقه أن يتواصل بـ(الظلط) حتى عاصمة بلاده الخرطوم.
} إن مشروعات النهضة التي ينتظر أن يتسلمها الرئيس مساء اليوم بمدينة الأبيض، بعد أن عكف عليها نخبة من الخبراء والمختصين، قد تبدو فوق طاقة وقدرات الدولة التي تعيش أوضاعاً اقتصادية مزرية وحرباً تقضي كل يوم على فلذات الأكباد قبل المال والمتاع.. ولكن يبقى طريق (أم درمان – بارا) هو القاعدة التي تنهض عليها بقية المشروعات، وحل مشكلة مياه كردفان بالسدود وحصاد المياه لا الأنبوب القادم من كوستي أو الدويم.. وقبل كل ذلك إنسان دار الريح والسافل له حقوق مثل غيره من مواطني السودان، وعند “البشير” وحده الحل والعقد والرجاء والأمل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية