أخبار

أزمة الخبز

} قال المحلل الاقتصادي المصري “مدحت صابر” إن المشكلة الأساسية التي جعلت الاقتصاد المصري يعيش مرحلة فقدان التوازن تتمحور في فشل زراعة القمح وجشع التجار في السلعة الأساسية والرئيسية المسماة بالخبز؛ لارتباطها المباشر بحياة المواطن، وأشار إلى أن الأزمة التي صاحبت إغلاق المخابز في الفترة الأخيرة تعود إلى الجشع الذي بات يتمدد في السوق المصري بشكل كبير؛ الأمر الذي انعكس سلباً على حياة المواطن الذي ما زال يبحث عن التغيير إلى الأفضل، في ظل غياب تام للحكومة الجديدة وتخوفها من الملفات الساخنة الموضوعة على منضدتها؛ الأمر الذي ألقى بآثار سالبة على الأوضاع الاقتصادية ككل.
} وفي السودان تعيش الخرطوم هذه الأيام أزمة مصطنعة في ذات السلعة، خاصة بعد اعتراف اتحاد المخابز في الولاية بعدم التزام المخابز بالمواصفة القانونية لوزن الرغيف المحدد بـ (70) جراماً، باعتبار أن تكاليف الإنتاج باتت مرتفعة ارتفاعاً جنونياً، خاصة العمالة التي زادت أضعافاً في الفترة الأخيرة، مما يعني أن الأزمة ستزداد سوءاً في ظل اللامبالاة التي تتعامل بها الدولة مع الواقع الحياتي للمواطن.
} الغريب في الموضوع أن الدولة تدعم الدقيق بنسبة (60%) حسب ما علمت، ورغم ذلك يمارس التجار الجشع والطمع بكافة أنواعه في ظل ضعف في الرقابة التي يفترض أن تقوم بدورها كاملا حتى لا تفتح باباً جديداً يكلف الدولة أزمات في غنى عنها؛ إذ أن الأوضاع التي نتابعها الآن تبين أن هناك تلاعباً واضحاً من قبل بعض المخابز، التي قررت منفردة أن تقلص الوزن المعروف (للرغيفة) للدرجة التي حسبنا أنها واحدة من المعروضات لأصحاب الأفراح، بالإضافة إلى استهتار آخرين من خلال إغلاق المخابز في أكثر من حي من أحياء الخرطوم طوال اليومين الماضين؛ بدعوى أن الإنتاج سيلقي عليهم بخسائر فادحة.
} ديناصورات المخابز باتت تهدد الأوضاع المعيشية في السودان بشكل كبير، والدليل هذا الهرج الذي نتابعه هذه الأيام، والتحديات التي يمارسونها على عينك يا تاجر، والدليل الأزمة التي ظهرت على السطح وباتت تشكل قنبلة موقوتة في ولاية الخرطوم، بالإضافة إلى قراصنة الدقيق الذين شكلوا مشكلاً حقيقياً مع أصحاب المخابز، وتبادلوا الاتهامات فيما بينهم باعتبار أن هناك (كباري) للسمسرة تتقاطع ما بين الوكلاء والتجار.
} القضية في إطارها العام تتطلب تدخلات عاجلة من قبل الشرطة ونيابة المستهلك والولاية ذاتها لإيقاف هذه الفوضى وإلزام المخابز بالحجم المتفق عليه، ومن ثم مراقبة الهاربين من الإنتاج والعابثين بالدقيق والرافضين لتطبيق الأحجام المتفق عليها وحتى المضربين عن الإنتاج، لأن المشاكل إن لم تعالج بسرعة وبالطرق المعروفة ستتمدد إلى أن تصبح مشكلاً يصعب إيجاد مخارج فيه للحل.
} النقطة الأهم تتمحور في الجلوس من جديد مع اتحاد المخابز وتوصيل رسالة شديدة اللهجة حتى يتمكن من إحكام قبضته على أصحاب المخابز، وإلا فليكن الرد عليهم جميعاً بالقانون، لأن المواطن غير قادر على تحمل ضغوطات في أهم سلعة تلامس حياته بصورة مباشرة.
} المشكل الحقيقي في السودان بات يتمحور رأسياً ويتمدد أفقياً والكل يسعى لأن ينال نصيبه من التورتة التي تربعت في الوسط، بعد أن أضيف لها كل المغريات التي تجعل اللعاب يسيل، في ظل فقر مدقع وجوع مؤلم يعيشه ثلاثة أرباع أهل السودان، ولك الله يا سودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية