ولنا رأي

"الخرطوم" و"جوبا" والمسار الصحيح

إن الزيارة التي يقوم بها رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” إلى جوبا اليوم تأتي في إطار العلاقات المتبادلة بين الطرفين، والعمل على تسوية كل المشاكل العالقة، وإن كانت “أبيي” تظل واحدة من تلك المشاكل أو الملفات التي لم تحسم نهائياً، خاصة وأن أبناء دينكا نقوك بدأوا يرتبون لاستفتاء لمنطقة “أبيي” من جانبهم، دون أن تكون لدولة جنوب السودان أو حكومة الشمال يد فيها؛ ولذلك فإن زيارة رئيس الجمهورية ربما تناقش الموضوع وإن لم يكن البند الأول في أجندة المناقشات، ولكن ربما يتم التطرق لها للمساعدة أو المساهمة في إيجاد حل يرضي الطرفين بعد أن تم الاتفاق مع الاتحاد الأفريقي الذي أوقف الاستفتاء من جانب واحد.
إن العلاقات بين الشمال والجنوب بدأت تشهد تحسناً كبيراً، وقلت اللهجة الحادة والتصريحات النارية التي كانت تصدر من هنا وهناك، ولكن الحاجة بين الجنوب والشمال هي التي دفعت قادة الدولتين لتجديد الثقة بينهما والعمل سوياً من أجل رفاهية واستقرار مواطن البلدين، فيما مضى كانت هناك أيادٍ تحاول إفساد العلاقة بين البلدين، رغم أن دولة الشمال منحت الجنوب استقلالاً كاملاً، ومهدت للاستفتاء الذي فاقت نسبته الـ(99%) وحصل الرئيس “سلفاكير” على نسبة عالية من الأصوات في انتخابات 2010م مما مهد له الطريق لحكم الجنوب منفرداً، ولكن يبدو أن الوضع المثالي الذي كان يتوقعه “سلفاكير” وقيادات الحركة الشعبية وأبناء الجنوب الذين كانوا يعيشون في الشمال لم يجدوه بعد الانفصال، فدائماً أي دولة وليدة تحتاج إلى الآخرين للمساعدة في البناء والإعمار ناهيك عن دولة عاشت عشرات السنين في الحروب فدُمرت كل بنياتها التحتية ومعظم السكان يعيشون حالة من الفقر المدقع، بالإضافة إلى لجوء الكثيرين منهم إلى دول الجوار الأفريقي؛ مما جعل الدولة الوليدة في حاجة إلى الرعاية والمساعدة حتى تستطيع الوقوف على رجليها، ولكن بعض الساسة من أبناء الجنوب ظنوا أن الانفصال سوف يتيح لهم حكم أنفسهم بأنفسهم ولو لم يكونوا على دراية ومعرفة بأبجديات الحكم؛ ولذلكم فشلوا في أول تجاربهم العملية في الحكم، ومن هنا بدأت الصراعات بين الذين يريدون أن يحكموا من أجل الحكم فقط، إلا أن رئيس حكومة الجنوب “سلفاكير” انتبه إلى تلك الصراعات والمشاكل التي لن تتيح له وضع لبنات الدولة الحديثة، فظل يكتم غيظه ويستمع للآخرين، ولكن حينما تفجرت الأحلام الوردية التي كانت تلك القيادات تعده بها عاد إلى صوابه وبدأ في بناء الدولة بالطريقة الصحيحة، وانفتح على الشمال، وبدأ بزيارة رسمية إلى دولة الشمال، وعالج كثيراً من المشاكل بين البلدين، ووافق على تدفق النفط عبر أنابيب الشمال، وهذا ساعده نسبياً على وضع رجله على المسار السليم لخلق علاقة قوية بينه وبين الشمال، لذا فإن زيارة رئيس الجمهورية اليوم إلى جوبا تأتي لتكملة بقية الملفات المفتوحة وكيفية الوصول إلى حل نهائي فيها، أما “أبيي” فلن تكون عقبة تقف في طريق البلدين طالما هناك حسن نوايا لبناء جسر التواصل من أجل أن يعيش مواطنو البلدين في أمن وسلام واستقرار.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية