الديوان

نجم الدراما «طارق علي»: المسرح موجود والجمهور حاضر و(النظام يريد) دليل عافية

عشق التمثيل واتخذه طريقاً على خُطى الموهبة العميقة، التي نشأت معه منذ الطفولة الباكرة، ثم برع في الأداء التمثيلي، ولم يكن وقتها قد تخرج في كلية الدراما والموسيقى بجامعة السودان. عرفه الكثيرون عبر أعماله المميزة التي ما تزال عالقة بأذهان عشاق ومحبي الدراما السودانية، وذلك من خلال تجسيده لأدوار كبيرة في عدد من الأعمال الدرامية الشهيرة أبرزها مسلسلات (اللواء الأبيض)، (الدهباية) و(وسكة الخطر)، بجانب العديد من الأفلام والمسلسلات الإذاعية.
إنه نجم الدراما السودانية الشاب (طارق علي) الذي عشق فن التمثيل وارتبط به، وما يزال يصول ويجول في دهاليزه ولم يقف لحظة بعيداً عنه، وظل يتوق لكسب المزيد في هذا المجال وتمكين تجربته بالدراسات العليا، كما يقوم بتدريس مادة الدراما بعدد من الجامعات.
الأسمر يعشق الأسمر وحظوظ مع الكبار
لم يكن اللقاء (بطارق) الممثل الأسمر عادياً، فكل شيء كان موقناً فيه فيما يتعلق بالدراما من إخراج وتأليف، ولكنه وجد نفسه ممثلاً، “طارق” يؤمن بأن الفنان الناجح لابد يكون عبارة عن موسوعة ثقافية وتربوية وعلمية. وخلال حديثه لـ(المجهر) أوضح “طارق” أنه أشد إعجاباً بالأسمر الفنان البارع (أحمد زكي) الذي يرى الكثيرون أنه نجم نجوم الدراما العربية على الإطلاق، كما يعد نفسه محظوظاً في مسيرته نحو التمثيل الذي احترفه ودعمه بالدراسة الجامعية بكلية الدراما بجامعة السودان وإيمانه القاطع بأن المعرفة الإكاديمية تصقل الموهبة، وفي هذه الأثناء وقبل حصوله على البكالوريوس أتاه الحظ حيث قال: (أنا من أسعد أبناء جيلي حظاً لأني تعرفت على تجارب الرواد بشكل عملي، وعملت ممثلاً وأنا بالثانوي مع “محمود سراج” أبو قبورة في (الأقاليم) التي تسمي الآن الولايات). هذا بجانب عمله مع المرحوم “أنور عثمان” في المسارح ومع الأساتذة “حسبو محمد عبد الله” و”مكي سنادة” و”الفكي عبد الرحمن”. ولكن يرى نفسه أوفر حظا عندما أعيدت مسرحية (المك نمر) عام 1993م، وكان له شرف أن يكون من ضمن الممثلين الذين شاركوا بجانب رموز الحركة المسرحية، ويضيف أنه كثيراً ما يكون حاضراً في بروفات الفنان القدير الراحل “الفاضل سعيد”، وذلك بحسب الجوار، وهنا يتحدث بعمق عن هذه الفترة معبراً: (كنت أرى كيف يكون عمله الفني وكيف ينسجون حكايات المسرحية ووقفت على هذه التجارب بشكل عملي مباشر. والآن حاصل على ماجستير علم النفس من جامعة الخرطوم ويحضر للدكتوراة في الدراما ويعمل محاضراً بجامعة النيلين والسودان في قسم الدراما.
وعن نظرته للجيل الحالي وتجربتهم في الدراما ومشتقاتها يرى (طارق علي) أن كثيرين من الجيل الحالي لديهم تجارب جيدة ومميزة، ويشير إلى أن الشاب (قصي السماني) كاتب سيناريو بارع و(أبوبكر الشيخ) مميز إضافة للممثلين الشباب على سبيل المثال لا الحصر (علي ورطة، محمد سراج، ثائرة إسماعيل، سارة حمدون) كما يراهن على أن “ميرفت الزين” و”إيمان حمد النيل” سيكون لهما شأن في الدراما، وجميعهم صقلوا الموهبة بالدراسة.
الأعمال الدرامية الموجودة الآن يعلق عليها (طارق علي) بأنها تعمل على نشر الوعي، وكون الدراما تتعامل عموماً مع الأحداث يبين أنها تشرح المجتمع جيداً وتعرض ما هو إيجابي فيه وسالب ثم تترك نهايته مفتوحة.
(النظام يريد) أنموذجاً في نظره مسرحية جيدة التناول والطرح أحسن القائمون على أمرها في التوقيت المناسب لوضعها وهي دليل عافية على أن المسرح السوداني موجود ويعتمد عليه وبتأثير كبير على الجمهور بدليل تواصل عروضها واكتظاظ المشاهدين والحمد لله. ويؤكد هنا أن المسرح موجود والجمهور موجود لكنه يحترم العمل الذي يحترم عقله وذوقه.
غياب كامل للدراما التي لم تعد رفاهية فقط
“طارق علي” الممثل المعروف غائب لفترة عن المشهد الدرامي ويعزي ذلك لأسباب يفصلها أنه في السابق كان راتباً أن ينتج مسلسل أو اثنين في العام، بجانب المسلسلات والدراما الرمضانية، والآن يلاحظ غياباً كبيراً للدراما، ويرى أن ذلك لعدم اهتمام الأجهزة الإعلامية بها. وهنا يؤكد أيضاً أن الدراما ما عادت رفاهية بل أضحت مشروعاً حضارياً يقدم الوطن في شكل ثقافي وفني، كما تحوي آراءنا ومعتقداتنا مما يجعلها تعكس ثقافاتنا للآخر وتعرف بها بنا كسودانيين مشيراً في هذا المنحي إلى شتى أنواع الدراما التي عرفت العالم بها كالمصرية والسورية والتركية، ويضيف أن الدراما كائن خطير لابد من توظيفه ومراعاة تحولاته عبر وسيط يسهل هضمه. ويؤكد أنه لابد من التخطيط الجيد لأنها الآن صنعة ولها شروطها وجودتها التي تقيمها، مبيناً أن السودان يمتلك تنوعاً زاخراً من الثقافات. والآن بصدد عمل العديد من المشروعات الدرامية.
النظرة السالبة تغيرت ولا يمكن اختزال الدراما في النكتة
سألناه عن النظرة للممثلين من قبل المجتمع وأثرها على الدراما السودانية ،والكثير من الأفكار الشعبية الخاطئة تعيب الممثلين، ويرى أن النظرة اجتماعياً تغيرت للفنون بدليل أن الكثير من الطلاب الآن يدرسون الفنون في كل المجالات مما يدل على أن المجتمع يعيش حراكاً وانفتاحاً نتيجة تحول كبير له عوائده الشخصية والمادية، وكذلك تأثيره في المجتمع. ويشير إلى أن الجيل السابق من رواد الدراما التف حوله طوق الحرج الاجتماعي للفنون، ويقول إنه جيل كافح وعانى من المشكلات وقدم تضحيات خاصة الرجال. ويضيف رغم كل ذلك كان لها جمهور ينتظرها .
ورغم الكم الهائل من الدراميين الآن يلاحظ قلة الإنتاج واختزاله كثيراً في دراما ما يسمي (بالنكتة) ولكن رأي الممثل يذهب إلى أن الدراما باتت الآن تسجن في النكتة، وهنا أوضح أن النكتة فن له طرائقه وخصائصه تحظى بقبول عام لخصوصيتها وسرعة انتشارها لكنها تفني سريعاً بتأثيرها المؤقت ويردف: (لا يمكن أن تهمل الدراما بخصائصها المتعددة وتاثيرها العام ونختزلها في بعض النكات).
ولكنه عاد وأوضح أن مهرجان البقعة هو المتنفس الوحيد للطلاب الذين يدرسون الدراما في الأكاديميات المتخصصة ويجدون فيه فرصة التطبيق العلمي في مجال تنافس حر.
و(طارق علي) يجد نفسه مشاركاً في أعمال كثيرة لكنه أحب الدراما التلفزيونية، تليها الإذاعية، ثم المسرح، وهنا تأسف على تراجع الدراما التلفزيونية، أما الإذاعة فيعتبرها ناجحة ومستقرة منذ السبعينيات وفي تواصل لم تنقطع وسر نجاحها يكمن لإسنادها لمتخصصين على مستوى الكتابة الأكاديمية الرفيعة، كما يري ضعف إنتاجها أيضاً نسبة للضعف العام في تناول الدراما في الأجهزة الرسمية.
الخلاف موجود في الوسط لكنه ينتهي سريع
وعن الانقسامات والخلافات بين الدراميين أكد (طارق علي) أنهم على قدرة عالية من التواصل فيما بينهم، وقال إن فئة بسيطة لا تتعدى الأصابع ونسبة للتسليط الإعلامي عليهم وتحت دائرة الضوء ينتشر الخلاف، ولكنه سرعان ما ينتهي وعزا ذلك للكثير من الإشكالات التي تحد من إنتاج الدراما؛ مما جعل معظمهم قاعداً عن العمل إضافة للتكالب على الفرص الضيقة، ويؤكد أنهم على المستوى العام لا خلافات جديدة تذكر، لافتاً إلى أن خلافات العمل شيء مشروع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية