ولنا رأي

السودان وملكة جانسي!

في الزيارة التي قام بها قبل فترة مساعد رئيس الجمهورية “عبد الرحمن الصادق المهدي” إلى منطقة الشكابة، وهي المنطقة التي شهدت مقتل نجلي الإمام “المهدي” “بشرى” و”الفاضل” فيما تعرض نجله الأصغر حينها “عبد الرحمن المهدي” إلى طلقات نارية من رصاص الإنجليز عندما طالبت أمه بقتله بعد أن قتل الإنجليز أخويه.. لقد عرض خلال الزيارة فلم وثائقي يحكي قصة بطولة الرجلين، وكيف ضايق الإنجليز أبناء “المهدي” وتسللوا حتى وصلوا إلى مكان إقامتهم، استرجعت شريط تلك الزيارة التي مضى عليها أكثر من ستة أشهر تقريباً، وبدأت أحدث نفسي لماذا لم يعرض الفلم الوثائقي على القناة الرئيسية أو على قناة (النيل الأزرق) ليشاهد الأبناء كيف كانت معاملة الإنجليز لأهلنا وكيف تجرأوا على القتل العمد بعد الأسر، وأنا أجول بخاطري في تلك القصة، عندما شاهدت المسلسل الذي يعرض هذه الأيام على (زي أفلام) وهو يحكي قصة المرأة الهندية التي تحاول إخراج الإنجليز من أرض الهند بعد أن حاولوا اغتصابها بالقوة.. لقد كانت “ملكة جانسي” وهي بطلة المسلسل تتمتع بقوة خارقة وعزيمة لا تلين، كانت كلما دخلت في معركة مع الإنجليز انتصرت فيها عليهم، كانت تحاول بقدر الإمكان أن توحد شعب الهند على القضاء على الإنجليز.
إن المسلسل يحكي قصة حقيقية تمت في الهند التي استعمرت بواسطة الإنجليز، كما نحن الآن.. ولكن المرأة “جانسي” كانت أقوى من الرجال، كانت محاربة قوية استخدمت كل الحيل.. كما كانت ثقتها في الله أكبر، وكل معركة تحاول الدخول فيها تستخدم الله أكبر، ومن ثم تنطلق إلى عدوها، وهذه إشارة إلى أن التمسك بالله تعالى يجعل النصر دائماً حليف من يتمسك به.
المسلسل فيه إخراج رائع، وصور وموسيقى تجبر كل شخص في مقعده فاغراً فاهُ، يتابع المسلسل وربما يثور كما الأطفال الذين يلعنون “نلسون” الإنجليزي الخائن الذي يدبر المكيدة لملكة” جانسي” في كل مرة.
إن المسلسل إذا أجري إحصاء لمن يشاهدونه الآن داخل السودان وفي الوطن العربي ربما يفوقوا الملايين، لأن الأرض والوطن أعز من كل شيء، وكل من يرغب في الحفاظ على وطنه يعمل كالذي تقوم به ملكة “جانسي” دافعها الوطن وليس غيره ولم يهمها “نيلسون” ولا الإنجليز الذي دفعوا به لارتكاب تلك الحماقات في الهند من أجل أخذ الأرض بالقوة.
نحن في السودان استعمرنا من قبل الإنجليز، ولكن حتى الآن لم نقم بعمل وثائقي يفضح الإنجليز وما قاموا به في السودان، بل الرعيل الأول من أبناء السودان يأمل في عودة الإنجليز من جديد، رغم أنهم عاشوا ظلم الإنجليز ووحشيتهم على الآباء والأجداد..
نحن في حاجة لعمل وثائقي كما الذي قدم لمساعد رئيس الجمهورية في زيارته للشُكابة، وكيف صور الفلم وحشية الإنجليز وقتلهم أبناء السودان “بشرى” و”الفاضل” ابني الإمام “المهدي” في وحشية دون مراعاة لأمهم التي كانت تقف إلى جوارهم، وهي تشاهد أبناءها يعدمون في وحشية قاسية.. حتى الآن لم نكتب تاريخ السودان كتابة حقيقية، ولم نفخر بفيلم يجسد بطولة أبناء السودان الذين جعلوا لنا أرضاً ووطناً اسمه السودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية