أخبار

التخريب بالأسعار..!!

مثلما تدخلت الدولة والحكومة بإجراءات لضبط اتجاهات الاحتجاجات الأخيرة، ومثلما رتبت بعض المراجعات الإعلامية مؤخراً وكان تقديرها في ذلك الحفاظ على البلد والسلامة العامة ومصالح الناس، فإن ذات المنطلقات تلزمها بالتدخل العاجل والسريع لاستدراك انفلات غير مبرر وسريع النهمة في تدرجات أسعار السلع كافة إذ وجد بعض أصحاب الضمائر الميتة، وأكرر (الميتة)، سانحة بواقع رفع دعم المحروقات، فضاعف هؤلاء أرباحهم إلى النصف.
كل سلعة ارتفع سعرها، وقل وزن بعضها، والدولة تتفرج بمقولة (التحرير الاقتصادي) الذي بات نظرية تحتاج إلى اللمس والاقتحام، لأن البعض صار يتعامل معها وكأنها نص مقدس لا يقترب منه بالتفسير والمراجعة! لتكون المحصلة (لا قدر الله) انفجاراً عظيماً، لن يكون هذه المرة لعب صبية أو حراكاً سياسياً ملوثاً، لكنه سيكون غضبة الحليم، لأنك لا يمكن تكون طيباً والاقتصاد يطلق النار عليك.
إن كانت لأهل اليسار المادي والسعة قدرة على امتصاص آثار الوضع الاقتصادي بإجراءاته الأخيرة، فلتعلم الحكومة أن السواد الأعظم من المواطنين يخوضون الآن حرباً أشد ضراوة مما تواجه الدولة، حرباً ضد الجشع والطمع والرغبة الطاغية في الكسب الشره، وهي معارك يدخلها المواطن أعزل من أية تغطية ومساندة في مواجهة مافيا السوق، التي اعتقد أنها تمارس نشاطاً هداماً لا يقل خطورة عن تحركات (الخلايا) أو الأذرع التي قيل إنها تتورط في المشهد السوداني بأكثر من مدخل.
صارت وجبة الفول المصري أمنية، لأن سعرها يتطور متحرراً من قيمة إلى أعلى، وكذا الحال في أسعار الغاز.. أما اللحوم فقد صارت مستحيلة المنال وعصية على التناول رغم كفاح بعض الجهات لتوفير لحوم بأسعار مناسبة لأن تلك الجهود تنهزم بالشح وقلة المعروض، وعلى هذا قس بأمثلة عديدة تتطلب تدخلات أكبر من مقترحات دعم الفقراء بمائة أو مائتي جنيه في الشهر، لأن الحصيلة الكلية لهذا المبلغ من الدولة لو أنه وجه لدعم مشروعات غذائية وأسواق تقدم أسعاراً زهيدة لكان أفضل وأكثر عملية من الدفع المباشر، الذي فضلاً عن الجهد الإداري المصاحب له والبيروقراطية الموازية له فإنه في آخر الأمر يقدم منحة ليست ذات أثر، وقد تتلاشى في ساعات لدى المستفيد، عكس إن وظف المبلغ بالإجمال في مشروعات حقيقية وظاهرة محصنة برقابة الدولة وظفت الأموال في جلب السلع من المنتجين دون وسطاء.
على المسؤولين النزول إلى الأسواق ومخالطة الواقع، سيرتكبون خطأ مميتاً إن هم في كل المستويات ركنوا إلى تقارير المناديب والموظفين، إذ لا أضمن أن يزعم أحدهم أن الإجراءات الاقتصادية التي أعلنت أتت أكلها وثمارها، فيستند المسؤول إلى تقارير (كلو تمام) حتى ينجلي الصبح عن مالطا وقد خربت وسوبا.
انفلات الأسعار مهدد كبير وخطير و(طابور خامس) أولى بالتوقيف.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية