استغلال المواطن !!
على الرغم من أنِفة وكبرياء المواطن السوداني واعتداده بنفسه، ولكن في نفس الوقت يُعد أقل شعوب العالم احتراماً من قبل حكوماته، وحتى على المستوى الداخلي يعاني من بني جلدته، فمثلاً في المركبات العامة يضطر إلى ركوب أي مركبة بغية الوصول إلى منزله أو مكان عمله، ونجد هذه المركبة ضيقة المقاعد، وأحياناً مكسرة ومتسخة ولا ترقى لبني آدم أن تحمل فيه، ولكن الظروف تجبره على أن يركبها، وكثيراً ما يستغل هذا المواطن في الأزمات، وفي أزمة المواصلات يضاعف صاحب المركبة السعر مرتين، وأحياناً عشرات المرات، وخلال يومي (الثلاثاء والأربعاء) التي وقعت فيهما الأحداث الدامية استغل أصحاب المركبات المواطن، فارتفع مشوار الرقشة إلى ثلاثين جنيهاً من الشهداء إلى الثورات، أو من ودنوباوي أو أي محل يرغب المواطن في الوصول إليه، وكذلك الأمجادات التي ارتفع المشوار إلى ثمانين وأحياناً مائة جنيه بالتمام والكمال، وما زال الاستغلال مستمراً للمواطن، والدولة التي طبقت قرارتها النارية لم تراع ظروف المواطن ولم تتابع قراراتها.. فالولاية التي أصدرت تعريفة المواصلات لم تطبق هذه التعريفة كما وردت من الولاية، فمواصلات الثورة التي كانت تعريفتها (2800) كان أصحاب (الهايس) يستغلون المواطن، ولا يعيدون له الباقي، أما الآن وعلى الرغم من أن (الهايس) لم تزد قيمة مشواره، ولكن أصبح الراكب بأربعة جنيهات فمن عجبه أن يركب، وإلا فليذهب إلى الولاية أو المحلية لتخصص له مركبة لتوصيله إلى مكان عمله أو إلى بيته، أما أصحاب الركشات فاستغلوا الموقف أيضاً، فرغم أن الركشة لا تصرف وقوداً، ولكن أصبح أقل مشوار ثلاثة جنيهات حتى ولو كان المشوار على بضع أمتار، أما الغاز الذي أصدرت الولاية تعريفته فكل أصحاب محلات الغاز يبيعون الأنبوبة بخمسة وثلاثين جنيهاً بدلا عن خمسة وعشرين جنيهاً، فالمحلية والولاية تدَّعيان أن السعر خمسة وعشرون جنيهاً وهي متوفرة، وأما الخبز الذي ذكر القرار أن تأثيره منعدماً تماماً، فالواقع يكذب ذلك، فأصحاب المخابز الذين يلتزمون بأربعة رغيفات بجنيه فهي في حقيقة الأمر ثلاثة رغيفات فقط، لأن وزن قطعة الخبز قد انخفض إلى النصف، وهذا يعني أن الحكومة طبقت قراراتها وقراراتها سارية، ومهما احتج المواطن فلن يجني إلا السراب، لقد استبشرنا خيراً في عام 2011 عندما طلب السيد رئيس الجمهورية من المواطن ربط الأحزمة في هذا العام على أن يكون عام 2013 هو عام الرفاهية لهذا الشعب، ولكن زاد المواطن من ربط الحزام في عام 2013 حتى كادت أن تخرج المصارين، إن لم تكن قد خرجت من شدة الربط.. فالمعاناة ما زالت مستمرة، وزيادة الأجور لن تؤدي إلى رفاهية الشعب، لأن السوق ما زال فاغراً فاهُ لالتهام أي زيادة تطرأ على المواطن، ومبلغ المائة وخمسين جنيهاً كدعم للشرائح الضعيفة لن يصمد يومين في ظل الأسعار المتصاعدة، حتى ماسحي الأحذية ضاعفوا من أسعارهم، ناهيك عن اللحوم بأنواعها والسكر والشاي والخبز، وكل البقوليات، فول الطبقة الضعيفة أصبح من العسير الحصول عليه، فلا ندري كيف سيكون الحال إذا طبقت الحزمة الثالثة من البرنامج الاقتصادي؟.