ولنا رأي

لا يا أستاذ "محمد"… الصحافة تبني ولا تهدم !!

الصحفيون بقوا ملطشة للبسوى والما بيسوى، وأصبحوا شماعة يعلق عليها السياسيون أخطاءهم، فكل من أخفق في عمله السياسي أو أدلى بتصريح (مايل) عرضه للمساءلة من الحزب أو الدولة، علق هذا الخطأ على الصحفي الذي لم يكن دقيقاً في نقل المعلومة أو التصريح أو الخبر، فلماذا كل المعلومات التي يدلي بها السياسيون تكون صحيحة، وعندما ترد معلومات فيها مساس بجهات أخرى تُوقِع المسئول في الخطأ، ينأى بنفسه ويحاول تعليق خطأه على الصحفي المسكين، الذي لا يجد أحياناً إنصافاً من رئيسه المباشر، أو من رئيس التحرير، فيكون كلام المسئول السياسي وإن كان خطأً هو الصحيح، بينما كلام الصحفي الصحيح هو الخطأ.
في صحف أمس الأول ذكرت صحيفة (الصحافة) في عددها رقم (7207) بتاريخ 27 أغسطس 2013 م، أن الأستاذ “محمد الحسن الأمين” رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطني، شن هجوماً لاذعاً على الصحفيين وكتاب الأعمدة ووصفهم (بالسذج)، وطالب إدارات الصحف بوقف نشر الآراء غير المسئولة والسالبة. يا سبحان الله متى كان الصحفيون أو كتاباتهم غير مسئولة أو سالبة، أم أنك يا أستاذ “محمد” أصبحت رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات أو الأمين العام أو رئيس تحرير، حتى تطالب بحجر آراء الصحفيين وتعليقاتهم في شأن عام، يلعب فيه الصحفي دوراً مهماً أكثر من السياسيين.
إن الصحفيين لم يكونوا في يوم من الأيام (مشاترين) أو مخربين، حتى تكون آراؤهم سالبة.
لقد عرفت يا أستاذ إبان الديمقراطية الثالثة بنقطة نظام، ونقطة نظام تلك كانت لمداخلاتك داخل قبة البرلمان، واعتراضك على حديث بعض النواب بغرض إرباك النواب عن دورهم الأساسي في تلك الفترة، عندما كانوا يتقدمون بأعمال لمصلحة الوطن، ولكن وضعك داخل قبة البرلمان كان أشبه بلاعب الدفاع، الذي يوكل إليه تطفيش الكرة لإرباك المهاجم، حتى لا يسجل هدفاً في مرمى الخصم.
إن كُتاب الأعمدة والصحفيين قد نفضوا عنك الغبار، وأعادوك للحياة من جديد داخل قبة البرلمان، ولم يكونوا (مشاترين) ولمن تكن آراؤهم سالبة.
إن انتقادات الصحفيين ليست وراءها أي مصلحة لأي طرف من الأطراف، فهم صحفيو هذا الوطن المخلصون، عندما يكتبون آراءهم فهي من أجل مصلحة الوطن وليس من أجل مصلحة الأشخاص، فإذا جاءت دولة متأخرة في تقديم دعمها للسودان، فإن هذا الانتقاد من أجل مصلحة الوطن وكرامته، فلماذا نتذلل لهذه الدولة أو تلك، هل لأنها قدمت لنا الفتات؟ لماذا لا تنتصرون لكرامة الوطن والشعب، هل سألت يوماً ما عن السودانيين الذين تضيع حقوقهم في تلك الدولة؟ هل سألت لماذا لم يدفع كفيل هذه الدولة للمواطن السوداني الغلبان استحقاقات عشرات السنين، وأخيراً إذا واصل السوداني في السؤال عن حقوقه قُبض عليه ورُحل بالملابس التي يرتديها.. هل سألت يا أستاذ عن تلك الإغاثة وأين ذهبت، والدنيا كلها تتحدث عن بيعها في الأسواق ولم تذهب لمستحقيها.
لقد شكا الدكتور “حسين أبو صالح” وزير الخارجية الأسبق من تصريحات السياسيين، الذين يهدمون عمل الدبلوماسية الذي يبنى في عدة شهور، فيهدم بتصريح واحد عندما كانت العلاقات متوترة بين السودان وتلك الدول، ولم يشتكِ الدكتور أبو “صالح” من عمود صحفي أبداً ..
يا أستاذ “محمد”، إن الصحافة عمرها ما كانت معول هدم، بقدر ما كانت تعمل للبناء والإصلاح، وأعادت العلاقات الطيبة بين الدول.. فالصحافة اليوم ليست صحافة الأمس التي تنتظر منك التوجيه، أو مطالبة المسئول الأول في الصحيفة أو رئيس تحرير يرفت المحرر، لأنه أتى بخبر صاح وعند المسئول خبر خطأ. لقد ولى هذا العهد أستاذ “محمد”، ويجب أن تشكر الصحافة لأنها أعادتك للأضواء من جديد، لتشن عليها هجومك هذا!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية