مصر إلى أين؟
مصر إلى أين.. سؤال ربما طرحه الكثيرون بعد تصاعد الأحداث فيها جراء الانقلاب العسكري الذي سلم فيه الجيش المصري السلطة إلى مدني، رغم أن السلطة كانت أصلاً مدنية وجاءت عبر صناديق الاقتراع وحاز حزب الحرية والعدالة التابع لحركة الإخوان المسلمين على أكثر من (50%) من أصوات الناخبين، وكونت حركة الإخوان المسلمين حكومتها ولكن لم تعطها بعض التيارات المناوئة لها والمحسوبة على النظام السابق نظام “حسني مبارك” فرصة الحكم بحرية كاملة وفقاً لارتضاء الجميع بالديمقراطية التي جاءت بالإخوان المسلمين إلى السلطة، ولكن بعد الانقلاب العسكري يعتقد كثير من الناس أن ما حدث في مصر ليس انقلاباً عسكرياً لأن الانقلاب العسكري يقوم به ضباط في القوات المسلحة بعد أن يجتمعوا ليلاً أو نهاراً ومن ثم يقومون بعملية التنفيذ .. في السودان وفي العام 1958 قيل إن حزب الأمة سلم السلطة للجيش بعد أن أحس بأن الوضع الديمقراطي آنذاك يتجه إلى الهاوية وعملية التسليم تلك قيل عنها إنها انقلاب عسكري، ولكن في مصر الآن جرى العكس فالجيش انقلب على نظام ديمقراطي وسلم السلطة لمدنيين، وأياً كان الأمر ففي النهاية لولا الجيش لما استطاعت تلك القوى أن تتسلم زمام الحكم لولا مساندة الجيش لها، إن مصر تمر بمنعطف تاريخي خطير وربما يكون الوضع أسوأ عما كان إبان حكم الرئيس السابق “حسني مبارك”.
فالإخوان المسلمون الذي تولوا حكم مصر عبر صناديق الاقتراع لن يستسلموا للذي جرى، والمعروف أن تلك الحركة ظلت تناضل من أجل الوصول إلى السلطة قرابة الثمانين عاماً، فهل من السهل أن تترك الأمر يمر هكذا بعد تدخل الجيش.. إن حركة الإخوان المسلمين في مصر فهمت فنون اللعبة تماماً، وظلت تجهز نفسها وتقوم بكل أنواع التدريب إن كان مدنياً أو عسكرياً، وإلا لما خططت لاغتيال السادات جهاراً نهاراً، والقوات المسلحة مصطفة في ذلك اليوم فلم تستطع قيادات الجيش ولا حرس السادات منع عملية الاغتيال، فاليوم ربما يكون الوضع بالنسبة لها أسهل من عملية اغتيال الرئيس، الآن دخلت السلطة وفهمت كل قواعد اللعبة والسلاح بيدها ولن تستطيع أي قوى أن تدافع عن حقها، ولكن ينبغي لهذه الجماعة طالما تثق في نفسها تماماً فمن أجل السيطرة على الموقف من جديد عليها تجنب العنف حتى لا تزداد كراهية الشعب لها، فسقوط دماء المصريين بأسلحة الإخوان سيكلفها الكثير، ولذلك ينبغي أن تدرس الأمر جيداً ويجب أن تفوت الفرصة على الذين يريدون حرقها، طالما أن هذه القوى بإمكانها أن تصل إلى كراسي السلطة بالطريقة الشرعية التي وصلت لها من قبل وإلا ستفقد الكثير في ظل الإعلام المصري المتربص بها.