هل تقبل دولة الجنوب بمقترح "أمبيكي"؟!
أحسنت الحكومة بقبولها مقترح رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى “ثامبو أمبيكي” لحل النزاع أو الخلاف بين الشمال ودولة جنوب السودان خاصة في المنطقة منزوعة السلاح، فقرار رئيس الآلية سيساعد في نزع فتيل التوتر في أعقاب الدعم الذي وجدته ما تسمى بالحركة الثورية من قبل حكومة الجنوب ودخولها مدينتي (أم روابة) و(أبو كرشولا)، وأحدثت الحركة دماراً في منطقة (أبو كرشولا) وقتلت الأبرياء والعزل بالمدينة، لذا فإن تدخل رئيس الآلية بهذا المقترح يضمن تراجع حكومة الجنوب إلى حدودها، وبذلك نضمن سهولة مراقبة الحدود بين البلدين ووقف أي تعاون أو مساعدة أو مساندة من قبل حكومة الجنوب إلى الحركة الثورية.
إن حكومة الجنوب من الأفيد والأصلح لها أن تخلق علاقات طيبة مع دولة الشمال، لأنها ما زالت دولة ناشئة تحتاج إلى الدعم حتى تقف على رجليها، فتجدد الحرب لن يفيدها طالما تسعى لبناء دولتها الوليدة وبناء إنسانها الذي يطمح في حياة كريمة وكان يحلم بهذه الدولة التي قدمتها له دولة الشمال في طبق من ذهب، فأعطته حرية الانفصال ليقيم دولته بالصورة التي يراها. ولكن بعض الطامعين والمتربصين لا يرغبون في بناء علاقة قوية بين دولتي الشمال والجنوب، ومن هنا آثرت ما تسمى بالحركة الثورية أن تخلق نوعاً من الفتنة بين الدولتين، وتدعي أن دولة الجنوب تمدها بالسلاح والعتاد لزعزعة الاستقرار.. لذا من هنا جاء أهل المصلحة ممثلين في رئيس جنوب أفريقيا الأسبق ورئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى “ثامبو أمبيكي” ليلعب دوراً مهماً في المنطقة ونزع فتيل التوتر بين الطرفين من خلال المقترح الذي تقدم به والذي يساهم في انسحاب قوات جنوب السودان من المناطق السودانية التي ما زالت تحتلها دولة الجنوب، وإذا ما تحقق ذلك فلا أعتقد أن هناك ما يعكر الصفو بين الدولتين طالما التزم كل طرف بحدوده.
إن دولتي الشمال والجنوب، كل طرف في حاجة إلى الطرف الآخر خاصة وأن دولة الجنوب ليس لها مفر لبيع بترولها إلا بعبور الأراضي السودانية في الوقت الحاضر، والمكابرة والمعاندة تفقدها أموالاً طائلة هي في أمس الحاجة لها لبناء الدولة، خاصة وأنها تحتاج إلى بناء الطرق والمدارس والمستشفيات، وحتى الأمن، فكل هذا يحتاج لتوفر المال ولا مورد لدولة الجنوب الآن غير هذا البترول، فإذا أُحسن التصرف فيه ومرّ عبر الأراضي السودانية ففيه منفعة للدولتين واستطاعت دولة الجنوب في وقت وجيز إكمال بنياتها التحتية التي تخلق لها الأمن والاستقرار.. كما يضمن مرور البترول أيضاً استقرار دولة الشمال التي كانت قبل انفصال الجنوب تعتمد في ميزانيتها عليه بنسبة كبيرة.
نحن مع مقترح “أمبيكي”، ولكن إلى أي مدى تلتزم دولة الجنوب به؟ وهل توافق دولة الجنوب على الانسحاب من الأراضي الشمالية؟ وهل تستطيع أن توقف فعلياً دعمها لما يسمى بالحركة الثورية؟ وهل هي فعلاً تدعمها؟ الكرة الآن في ملعب الجنوب فإذا رغب في الاستقرار وفي المعايشة مع دولة الشمال، فإن فترة الستين يوماً كافية لمعرفة إن كانت دولة الجنوب صادقة في نواياها أم لا.