ولنا رأي

إلى من تُحمّل مسؤولية أحداث أم روابة؟!

حينما أسندت الحكومة للبروفيسور “إبراهيم غندور” رئاسة الوفد السوداني للحوار مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، كانت تعلم تماماً أنها أسندت الرئاسة لشخص يتمتع بسعة الأفق والحلم والصبر، كما أنها ترغب تماماً في تحقيق السلام في كل ربوع السودان، جنوب كردفان والنيل الأزرق، وكل منطقة يمكن أن يتفجر منها القتال، ولكن الحركة الشعبية قطاع الشمال كانت تبطن خلاف ما تظهر وهي ليست راغبة تماماً في السلام إلا بعد قتل الأبرياء وهتك الأعراض وتشريد النساء والأطفال والعزل، حتى تقول لمفاوضيها نحن الآن أكثر قوة وعتاداً وإذا أردتم الحوار معنا فنحن نأتيكم بقواتنا، ولن نأتيكم منكسرين، بل سنأتيكم من منطلق القوة وليس من منطلق الانهزام.. وهذا الحديث يرفضه كل إنسان عاقل، لأنكم  يا حركة يا شعبية إذا كنتم راغبين في السلام فلماذا تقتلون الأبرياء من أبناء جلدتكم؟ لماذا تقتلون أمهاتكم وأبناءكم وإخوانكم الذين تفاوضون من أجلهم ومن أجل استقرار المنطقة كلها؟!
الحوار هو المخرج للسلام، وإلا لما جلس النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ “علي عثمان محمد طه” لأكثر من مائة يوم مع الدكتور “جون قرنق” وتوصلا إلى سلام واستقرار منهيين أطول حرب عرفتها الإنسانية بأفريقيا.
لقد استبشرنا خيراً بعد انتهاء كثير من الملفات مع حكومة الجنوب، لنتفرغ من بعد ذلك لحل مشكلة جنوب كردفان، التي لم تهدأ الأوضاع فيها بسبب قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال تحت قيادة “عبد العزيز الحلو”، الذي حاول أن ينقل الحرب من الأطراف إلى داخل المدن، وبالفعل نقلها، فروّع الآمنين، وقتل الأبرياء، وشرد الضعفاء من النساء والرجال والأطفال.. وإذا كان “عبد العزيز الحلو” ومن معه قاموا بهذا العمل الذي لن تغفره لهم الأجيال الحالية أو اللاحقة، فإن المسؤولية تقع أيضاً على الحكومة في شمال كردفان التي كانت تعلم علم اليقين بتدبير أولئك المتمردين ونقلهم للمعركة إلى داخل المدن في أم روابة وما جاورها.. لقد حدثني شخص صباحاً عبر الهاتف قائلاً إن مجموعة من المتمردين قد اعترضت طريق بص سفري في طريق الرهد، وجردت المواطنين من ممتلكاتهم (أموال وموبايلات وذهب)، بل أوسعوهم ضرباً وتركوهم في العراء يهيمون.
ثم حدثني قيادي بحزب الأمة (الإصلاح والتحديد) أنه أبلغ أحد الأشخاص داخل البرلمان وملّكه معلومات عن استعداد الحركة الشعبية قطاع الشمال للهجوم على مناطق بولاية كردفان قبل خمسة أيام من الأحداث، ولكن هذا الرجل لم يخطر الجهات المسؤولة عن ترتيبات الحركة الشعبية حتى وقعت الفأس على الرأس، ومات أبرياء لا علاقة لهم بما يدور من صراع بين تلك الحركة والحكومة.
نسأل.. لماذا إذا كانت هناك معلومات مؤكدة لم تتعامل معها حكومة شمال كردفان بالجدية المطلوبة؟ لماذا تركت المعلومات تطير في الهواء الطلق دون أن تلتقطها الجهات المسؤولة عن تأمين البلاد وأرواح العباد؟!
عندما دخل “خليل” أم درمان قالوا كنا نعلم ولدينا من المعلومات ما يؤكد أن جماعة “خليل” في طريقها إلى مدينة أم درمان ونريدها أن تدخل ومن ثم محاصرتها.. كيف يترك العدو يقتحم المدن ومن ثم محاربته؟ هذا غير منطقي، ولو كنت مسؤولاً وأعلم علم اليقين بكل تلك المعلومات ولم أتعامل معها بصورة جادة، ووقع الأمر بالفعل فيجب أن أتنحى دون أن يطالبني شخص بذلك.. هذه مسؤولية أمام الله والعباد.. وإزهاق الأرواح أنت مسؤول عنه، وإذا لم تتعامل مع المعلومات بصورة جادة فأنت لست أهلاً لهذا الشرف، شرف المسؤولية، وعليك بالمغادرة غير مأسوف عليك!!
أما قطاع الشمال الذي روّع المواطنين وانتهك الحرمات، فينبغي التعامل معه بحسم قبل الجلوس معه مرة أخرى على طاولة المفاوضات، لتؤكدوا له أنه سيأتي للمفاوضات وهو مطأطئ الرأس ومنكسر، وليس من منطلق قوة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية