مصر.. هل ينتهي سيناريو الانتقام من الرئيس السابق "حسني مبارك"؟!
القضية الأساسية في مصر صارت اليوم تمثل الانتقام الواضح من الرئيس المصري السابق “حسني مبارك” دون الاعتبار لدوره البطولي في حرب أكتوبر وظروفه الصحية الدقيقة، وأن الرجل كان يمثل كبير العائلة المصرية على مدى (30) عاماً من حكم أرض الكنانة. والتاريخ ينظر بأسى شديد إلى الخطوات الجبارة والسيناريوهات المنظمة من جانب حكومة الرئيس “محمد مرسي” في ملاحقة الرئيس “مبارك” باستمرار والإصرار على زيادة وتيرة إحراق صورته وإذلاله أمام الشعب المصري.. فالرؤية القائمة على الانتقام الشديد والمبالغة في الفظاظة، تتراقص كفراشة حائرة تصطدم بالمصباح المتوهج وتموت بالاحتراق.
بقدر ما كانت للرئيس السابق “مبارك” أخطاء ومثالب كثيرة لا ينكرها أحد خلال فترة حكمه الطويلة، فإن الرجل كانت له العديد من الإيجابيات والمواقف الطيبة، فهو الذي أعاد مصر إلى العروبة بعد مقاطعة (كامب ديفيد)، وحافظ على الاستقرار في المجتمع المصري، وأقام علاقات خارجية متوازنة مع العالم الخارجي، فهل يعقل أن يطارد الرئيس “مبارك” بتلك القسوة ويحارب بذلك السيناريو المخيف من خلال خطة وزارة العدل القائمة على إدخاله في حبس جديد، بعد قرار القضاء المصري بإمكانية الإفراج عنه بتوصية قانونية وإنسانية، بحجة أنه استولى على أموال رئاسة الجمهورية.
وإذا حاولنا إضاءة المصابيح على اتهام الرئيس السابق “مبارك” بأنه شارك في قتل المتظاهرين بميدان التحرير فماذا عن الضحايا الذين ماتوا بالرصاص في الإسكندرية وبور سعيد من قبل المجلس العسكري وحكومة الرئيس “مرسي”؟.. لماذا الكيل بمكيالين؟ وأين العدالة في الحكم حول هذه الأمور؟ وبذات القدر كيف يمكن أن يكون “حسني مبارك” لصاً سرق ملايين الدولارات وأودعها البنوك الأوروبية ولم يحاكم بهذه التهم حتى الآن؟ فضلاً عن رفضه مغادرة مصر والتشبث بالبقاء في شرم الشيخ عند استقالته، وفي الذهن العروض المذهلة التي قدمت إليه للسفر إلى العواصم الخليجية.. ودائماً السارق لديه إحساس كهربائي وبيولوجي يجري في عروقه يدفعه إلى الهرب.
مهما يكن، فإن إعادة محاكمة “مبارك” بعد حصوله على إفراج قانوني وصحي، يعني وجود نزعة انتقامية خطيرة من بطارية السلطة المصرية بتسييس قضية الحاكم المصري السابق البالغ من العمر (85) عاماً بصورة غير إنسانية والذي يرقد الآن في المستشفى العسكري تحت حراسة مشددة.
إن “حسني مبارك” بكل ما له وما عليه هو أطول رئيس وطني يحكم مصر، وربما يدخل التاريخ من هذه الزاوية، واستطاع تلافي وقوع كوارث كبيرة في مجال الأمن المصري، ومنع التدخل الأمريكي السافر في الشؤون المصرية مع قدرته على الاحتفاظ بعلاقات ذات خصوصية مع واشنطن.
عيوب وأخطاء “حسني مبارك” تتمثل في فساد حاشيته وزواج السلطة بالمال، وترك الحبل على الغارب لمجموعة مقدرة من الفاسدين، غير أن “مبارك” كانت له إنجازات عديدة على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي، ويوم ترك الحكم كان احتياطي النقد الأجنبي في مصر (37) مليار دولار، لكن بعد ذلك انخفض إلى (24) مليار دولار، والذين جاءوا من بعده دخلوا في صراع ماثل للعيان مع معظم قطاعات المجتمع المصري.
لا يجوز أن تفقدنا النزعات السياسية والشخصية صوابنا، وتجعلنا نترصد شيخاً كهلاً حارب من أجل مصر، وكان صاحب الضربة الجوية الأولى في حرب العبور التي رفعت هامة الأمة العربية من المحيط إلى الخليج.
هيبة “حسني مبارك” من هيبة مصر شئنا أم أبينا، لأنه كان كبير البيت المصري، فقد كان حاكماً يخطئ ويصيب، وزعيماً وطنياً بدليل أنه لم تثبت عليه تهمة السرقة الشخصية، ولم يهرب كما فعل بعض الزعماء في المنطقة العربية.. فهل ينتهي سيناريو الانتقام من “حسني مبارك”؟!!