ولنا رأي

هل تستيقظ الدولة بعد ضخ البترول؟!

عندما انتعش الاقتصاد السوداني وتراجع الدولار وأصبح سعر الدولار يساوي اثنين جنيه، وظل الوضع لفترة طويلة إلى أن تم الانفصال، وقتها سأل أحد المصريين زميله عن سعر انتعاش الاقتصاد السوداني وارتفاع قيمة الجنيه، فرد عليه زميله (هم دُول طلع لُهم بترول).
البترول قبل انفصال الجنوب ساهم بقدر كبير في استقرار العملات الصعبة حتى أن الجنيه السوداني كان يساوي اثنين جنيه مصري بعد أن تهاوى الجنيه السوداني مقابل الجنيه المصري إبان الحكم المايوي، والذي شهد في أواخر الحكم تراجعاً مريعاً حتى أصبح الجنيه السوداني يساوي خمسة وعشرين قرشاً رغم أن الجنيه السوداني في منتصف سبعينيات القرن الماضي كان يساوي جنيه وربع مصري قبل أن يتدهور مرة أخرى. الآن بدأ الدولار في التراجع بعد الاتفاق بين الشمال والجنوب على الاتفاقيات التسعة من خلال المصفوفة التي وقعت بـ(أديس أبابا)، وسيظل الدولار في التراجع حتى يصل إلى أربعة جنيهات تقريباً بعد عمليات ضخ البترول الجنوبي عبر الشمال، والمتوقع أن يبدأ تنفيذه بعد تسعة أيام تقريباً.
ابان الحكم المايوي عندما بدأ النظام في الاضطراب والصراع بينه والمعارضة وبعض الدول مثل (مصر) و(ليبيا) وحتى الغرب، بدأت الحالة الاقتصادية في السوء، وظلت أسعار المواد التموينية في الارتفاع، بل أحياناً في الاختفاء من الأسواق، ودخلت سلع كثيرة السوق الأسود والسبب كان ارتفاع الدولار والمضاربين فيه من تجار العملة الذين اغتنوا بتلك الزيادات ولم تنفع الحملات التي كانت تقودها الشرطة للقبض عليهم، وبعد أن زال النظام المايوي في أبريل 1985م، وصل سعر الدولار آنذاك ما يقارب الثلاثة جنيهات تقريباً، ومن ثم بدأ في الارتفاع في ظل النظام الديمقراطي والسبب أيضاً المعارضة، ووصل سعر الدولار في أواخر الديمقراطية الثالثة إلى ثمانية جنيهات، وانعدمت أيضاً السلع الأساسية، واختفى الغاز والبنزين والجازولين، وأصبح الحصول على جالون بنزين ضرباً من الخيال، والسبب ليس لأن الاقتصاد منهار أو الموسم الزراعي فشل أو تدنى سعر القطن أو السمسم أو الصمغ أو القمح، لكن هناك أمور يعلمها السياسيون، وهم أدرى بأسباب ارتفاع سعر الدولار أو سعر المواد التموينية.. قيل بعد فترة الديمقراطية الثالثة إن المعارضة كانت تلقي بالخضروات في النيل وتدس الخبز في المجاري، كلها محاولات للضغط على الشعب للخروج إلى الشارع، لأن المعارضة لم يعجبها نظام الحكم، فأرادت أن تخلق له أزمات تجعله في حالة عدم استقرار، وعندما يجوع الشعب ما في بديل إلا الخروج إلى الشارع، لكن عندما استخرج البترول في 1998-1999م، وتراجع سعر الدولار مقارنة مع الجنيه السوداني لم تحسب الدولة أن يوماً سيأتي ويرتفع فيه الدولار إلى ما وصل إليه بعد الانفصال.
الآن أتت فرصة جديدة للدولة وسيبدأ ضخم البترول من جديد إن شاء الله وسينخفض سعر الدولار حقيقة، وأهلنا قالوا (القرش الأبيض لليوم الأسود) وما أظن ستأتي فرصة أخرى إذا لم نستفد من عائدات البترول هذه المرة ووظفناها في المشاريع الزراعية التي ستصبح بترولاً آخر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية