حظر التجوال
ربما تعقبُ مقالي هذا قرارات سيادية تتعلق بمقترح حظر التجوال في كل ولايات البلاد، وقد تسرب ذلك بشكل جعلني أفكر أنه ربما مقدمة للقرار، خصوصاً وأن هناك اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن والدفاع برئاسة “البرهان” والسبب في ذلك هو وباء كورونا، كما فعلت بعض الدول التي حاصرها المرض اللعين.
قرارات متتالية أقدمت عليها الحكومة خلال اليومين الماضيين كإجراءات احترازية لمقابلة مخاطر كورونا، ولكن بكل حال من الأحوال كانت الولايات متقدمة على وزارة الوزير “أكرم” والذي يبدو أنه اكتفى بسبق إعلان الخبر المشئوم بتسجيل السودان أول حالة إصابة ووفاة بمرض كورونا، حيث لا توجد مراكز حجر مهيأة بشكل جعل معظم السودانيين القادمين من البلدان الموبوءة يهربون من مواقع الحجر بسبب عدم ملائمة المكان وعدم توفر الأكل والشراب.
والسؤال هنا .. هل صار الوضع في البلاد بالقدر الذي يستدعي فرض حظر التجوال؟
الإجابة عن هذا السؤال تحتاج لأن ننظر للقرار من كل الجوانب، بحيث لا يُضار المواطن البسيط من القرار، ولاية القضارف الحدودية وعلى وقع تسرب الوباء قامت بإغلاق سوق المدينة بالقوة الجبرية، أي بإشراف من الشرطة، وبات المواطنون بعد أن تعطلت مصالحهم في حيرة من أمرهم، ظاهر القرار خير للناس وباطنه تعطيل للمصالح.
يبدو أن الحكومة تريد أن تُقدم على خيار فرض حظر التجوال من واقع عدم اكتراث المواطن السوداني، وتهاونه مع الوباء، وصعوبة تفاعل الشارع وهذه ناتجة من تركيبته، وفي هذا تتحمل الحكومة المسؤولية، حيث إننا لم نشهد حملة تثقيفية مكثفة حيال هذا الوباء، حتى يحس المواطن بعظم المسؤولية تجاه نفسه وأسرته وبلده، كنت أتوقع أن تتولى وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة الثقافة والإعلام ووزارة الشؤون الدينية القيام بحملة توعوية واسعة، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، فكانت العقلية السودانية غير المكترثة حاضرة في مشهد الكورونا، فرض حظر التجوال يلزمه أن تكون الحكومة جاهزة للتبعات التي تقع على عاتق المواطنين ومعروف أن أكثر من (70%) من الشعب السوداني يعمل في القطاع الخاص والتقليدي ما يعني أنهم خارج دورة التنسيق التي انتظمت كل الوزارات والمؤسسات الحكومية، وعلى سبيل المثال .. هل فكرت الحكومة في مصير الباعة المتجولين الذين يعتمدون على لقمة عيشهم من خروجهم اليومي إلى الأسواق وأماكن العمل الخاص، أرجو أن تكون الإجابة عن هذا السؤال حاضرة عند اتخاذ أي قرار، حينها سنقول إننا بحاجة إلى فرض حظر التجوال أو لسنا بحاجة له، والله المستعان.